XII

647 74 43
                                    

الفصل الثانِي عَشر : لقَد عشتُ.

...

وضعَ جيمين النقودَ بجانبِ الطبقِ وَ إستقامَ بنيَّةِ الخروجِ، إسترقَ النظرَ للمجموعةِ الجالسةِ بجانبهِ منذُ أنَّ أحاديثهُم كانتِ مريبةً، ليفاجئَ بأنَّ أحدهُم يبادلهُ النظراتَ بحدَّةٍ.

إرتبكَ جيمين وَ رحلَ، مشتِّتًا التساؤلاتَ وَ التخيُّلاتَ التِي تسلَّلتِ لعقلهِ تدريجيًّا.
سارَ فِي الشارعِ، وسطَ المارَّةِ وَ هوَ لاَ يعلمُ إلَى أينَ المسيرُ، فمنَ المبكرِّ العودةُ إلَى القصرِ وَ إعادةُ المحاولةِ، قدْ يطردهُ الحرَّاسُ فعلًا هذهِ المرَّةَ.
هلْ يعودُ لمحطَّةِ القطارِ فَيلتقِي فرقتهُ وَ يقدِّمُ معهُم العروضَ؟ رغمَ أنَّ جزءًا منهُ يريدُ ذلكَ إلَّا أنَّهُ قدْ لاَ يستطيعُ التركيزَ منْ شدَّةِ حماسهِ للقاءِ أخيهِ.

وصلَ لجسرٍ أسفلهُ قناةُ مياهٍ تبحرُ فِيهَا قواربُ السلعِ الصغيرةِ، وقفَ علَى الحافةِ يتأملُّ الفراغَ وَ يبتسمُ تدريجيًّا بينمَا أخذتِ يدهُ تلاعبُ القلادةَ حولَ عنقهِ.
سمعَ صوتَ خطواتٍ تقتربُ منهُ وَ رغمَ أنَّهُ كانَ هناكَ أشخاصٌ بالجوارِ إلَّا أنَّ شيئًا داخلهُ، أخبرهُ أنْ يلتفتَ ليجدَ شابًّا يحملُ عصًا غليظةً وَ يرفعهَا يكادُ يضربهُ بهَا.

حاولَ جيمين تفادِي الضربةَ لكنَّهَا أصابتهُ فِي ذراعهِ وَ كمْ كانَ ألمهَا عظيمًا، حتَّى شعرَ بيدهِ تشلُّ منْ شدَّةِ  العصَا.
أرادَ الهروبَ منْ المسلَّحِ وَ الفرارَ إلَى مكانٍ مأهولٍ بالبشرِ فيصعبُ علَى الآخرِ اللحاقُ بهِ لكنَّهُ شعرَ بيدٍ تمسكهُ وَ تسحبهُ منْ قميصهِ ثمَّ تسقطهُ أرضًا، وَ تسنَّى لجيمين رؤيةُ وجهِ المعتدِي ليجدهُ أحدَ منْ كانُوا جالسينَ قربهُ بالمطعمِ.

كانتِ العصَا لتهوَى علَى رأسِ حليبيُّ البشرةِ لولَا صراخُ إمرأةٍ وَ نداءُ رجلينِ ليهربَ المعتدِي مكرهًا وَ خلفهُ مجموعةٌ منَ الحرَّاسِ.
إقتربتِ منْ جيمين الجالسِ أرضًا، منْ كانتِ تصرخُ سابقًا، وَ كانَتِ أنيقةً وَ فخمةَ الثيابِ، لاَ تحتاجُ لمزيدٍ منَ التفكيرِ لتَبيُّنِ مكانتهَا الإجتماعيَّةِ.
" هلْ أنتَ بخيرٍ بنيَّ؟" قالتِ بقلقٍ، تساعدُ جيمين علَى الوقوفِ، هيَ لمْ تبدُو كبيرةً بالسنِّ وَ معَ ذلكَ نادتْهُ بنيَّ علَّهُ يرتاحُ لهَا.

أومأَ وَ إستندَ علَى يديهِ ليقفَ لكنَّ إحداهمَا خذَلتهُ ليهسهسَ بألمٍ.
" أنتَ لستَ بخيرٍ، أرنِي." رفعتِ كمَّهُ كاشفةً عنْ ذراعِهِ لتبصرَ كدمةً زرقاءَ وَ تعبسَ إثرَ ذلكَ.
" هلْ ستذهبُ لمكانٍ مَا الآنَ؟ أعنِي هلْ لديكَ شاغلٌ يشغلكَ؟"
لمْ يخفَى علَى المرأةِ ملامحُ الأصغرِ المتعجبَّةِ لتبتسمَ بخفةٍ.

Endless | لاَ متناهِيOù les histoires vivent. Découvrez maintenant