XI

638 67 42
                                    

الفصلُ الحادِي عشر: تلاحُم.

...
بحيرةُ البجعِ، هيَ المقطوعةُ الوحيدة التِي أجيدُ عزفهَا علَى البيانُو، هذَا اللَّحنُ يستحضرُ لِي ذكرياتٍ منْ طفولتِي منْ خمسِ سنواتٍ مضتِ.
رغمَ أنَّهُ حزينٌ إلَّا أنَّهُ مرتبطٌ بذكرَى محبَّبةٍ لِي.

أتحدَّثُ عنِ الأوقاتِ التِي كنتُ أقضيهَا فِي غرفةِ الموسيقَى بالميتمِ، رفقةَ جيمين.
أقضِي ساعاتٍ هنَاك، أطالعُ أحدَ الكتبِ بينَمَا أستمعُ لعزفهِ، أسمعهُ وَ هوَ يخطأُ حينًا وَ يصيبُ حينًا إلَى أنْ يتقنَ مَا يصنعُ.
كثيرًا مَا تخلَّلتِ مسامعِي هذهِ القطعةُ وَ أدركتُ أنَّها مفضلَّتهُ يومًا.

كمْ أشتاقُ لكَ توأمِي وَ عزيزَ قلبِي، يَا منْ فهمتنِي منْ نظرةٍ وَ أسعدتنِي ببسمةٍ، كمْ أشتاقُ للماستكَ علَى شعرِي وَ مزحاتكَ بعدَ العسرِ.
هَا أنَا أعزفُ قطعتكَ الموسيقيَّةَ المفضلَّةَ، علِّي أستحضرُ وجودكَ بقربِي.
أخبرتكَ أنْ تعيشَ لكنَّ الدنيَا دونكَ خاليةٌ، منذُ ودعتُّكَ ذلكَ اليومَ وَ داخلِي فراغٌ لاَ يمتلئُ.
آسفٌ لترككَ وحيدًا، ربَّما جريحًا..لكنَّنِي لستُ بأفضلِ منكَ حالاً.

أينَ أنتَ صديقِي؟ هلْ حيٌّ أنتَ أمْ ميِّتٌ؟ ماذَا تفعلُ وَ كيفَ تقضِي يومكَ؟ ليتكَ أمامِي فأسألكَ مَا يشغلنِي.
أنَا الآنَ الإبنُ الأصغرُ لعائلةٍ نبيلةٍ.
أتعلمُ شعورُ الندمِ وَ الذنبِ لترككَ تعانِي وحدكَ، لازالَ ينخرُنِي.
بقيتُ ثلاثَ سنواتٍ صامتًا، أحملُ عبءَ ذلكَ الميتمِ لأفتحَ فمِي أخيرًا، حينَ عرفتُ بأمرِ هروبكَ وَ الآنَ أنَا أنتظرُ آملاً رؤيتكَ.

" أتبكِي؟" توقفتُ عنِ الظغطِ عنْ مفاتيحِ البيانُو وَ مسستُ عينِي، أتفحصُّهَا لأجدهَا مبتلَّةً بالدموعِ.
عجبًا فلمْ أبكِي منذُ زمنٍ حتَّى كادتِ عينيَّ تجفُ.
" هذَا مشهدٌ نادرٌ." إلتفتُ لمصدرةِ الصوتِ وَ تعليقاتهَا حقًّا قدْ بدأتِ تزعجنِي.

" ماذَا؟ لمَ تنظرُ لِي كأنَّكَ علَى وشكِ قتلِي؟" قالتِ وَ إقتربتِ منْ مكانِ جلوسِي.
" ماذَا تفعلينَ هنَا؟" قلتُ وَ إستقمتُ منْ مكانِي أجمعُ أشيائِي.
" دعنِي أذكرُّكَ أنَّك تستعملُ غرفةً فِي المسرحِ البلدِيِّ، وَ تعزفُ علَى آلةٍ منَ المفترضِ أنَّنِي المختصةُ فيهَا ، لذَا لديَّ كاملُ الحقوقِ للتواجدِ هنَا." أجابتِ أيرِين، وَ هِي تكونُ رفيقتِي حينَ أقدِّمُ عرضًا موسيقيًّا.

" أنَا سأغادرُ. لنتدرَّبِ لاحقًا." قلتُ وَ رحلتُ سريعًا.
عكسَ مَا كنتُ عليهِ فِي صغرِي فأنَا حقًّا أتوترُّ حولَ الأشخاصِ الجددِ وَ الغرباءِ.
لاَ أندمجُ كثيرًا لكنَّنِي لاَ أستطيعُ أنْ أنغلقَ منذُ أنَّنِي شخصيَّةٌ بارزةٌ سواءًا كانَ بسببِ عملِي أو نسبِي.

Endless | لاَ متناهِيWhere stories live. Discover now