الفصل 14: مفاجأة في المتنزه

161 23 26
                                    

الفصل 14: مفاجأة في المتنزه

﴿التاسع والعشرون من يوليو/ جويلية﴾
﴿مدينة هيفي ستون | إقليم هيفي ستون﴾

مدينة هيفي ستون الساحلية، ثاني أكبر مدينة في إيلدينغار بأسرها والمدينة المركزية لأكبر إقليم في المملكة - والذي يحمل الاسم ذاته-. ها هي ذي بشكل معتادٍ تستقبل صباحاً نشيطا آخر.

على رصيف أحد شوارعها الرئيسية، حيث لا يكاد الفرد يحظى بمساحته الشخصية لشدة الاكتظاظ؛ اقتحم حشودَ المارة العشوائية جسم يتحرك أسرع من عطلة نهاية الأسبوع، كان يركض بأقصى جهده مفرقا الأجساد عن طريقه دون أن يأبه للتذمرات والشتائم التي طالته لاصطدامه بالقاصي والداني وعدم احترامه للآداب العامة.

وليس بالبعيد جدا عن ذلك المكان، حيث وقع حي أكثر هدوءا من الشوارع الرئيسية، اعترت رعشةٌ عنيفةٌ جسد صاحبة إحدى الشقق السكنية، سيدةٌ شقراء الرأس ذات مئزر متسخ ببقع سوداء متفرقة؛ عندما ولجت غرفة المعيشة في شقتها البسيطة فعثرت على التلفاز مجوفا.

أحكمت الضغط على مفك البراغي الكبير الذي كانت تحملها بيدها، ولم تكد تمنح نفسها مجالا لاستيعاب ما حدث حتى زمجرت حنجرتها في سخط مشتعل تلقائيا..

-"أين ستهرب يا هيوغو! أيها الصعلوك!"

أجل؛ إنه يركض هاربا منها بعد أن فعل مصيبةً ما و هو بصدد الاختفاء جزئيا عن ناظريها قبل أن تكتشف أمره وتعلقه من عينيه.

لم يستغرق سوى بضع ثوان حتى خارت قواه بالكامل واضطر للتوقف والاتكاء على ركبتيه بجانب أحد المحلات ليستعيد أنفاسه.

نظرا للمسافة القصيرة التي قطعها عدوا من بيته وحتى نهاية ذلك الشارع، فقد أدرك سريعا أنه لا مفر من العقاب الذي ينتظره.

هو يعلم في أعماقه أنه سيعود إلى البيت في نهاية المطاف وسوف يتلقى العقاب والتوبيخ لتحطيمه التلفاز، ما باليد من حيلة، هذا جُلُّ ما تبادر إلى ذهنه من أفكار سلبية.

أجفان عينيه الناعستين، شعره البني الداكن والمبعثر ببشاعة رغم قِصر خصلاته الشديد، هيئته الخاملة، والطريقة التي كان يحني بها عموده الفقري. مظهره ذاك لا يوحي سوى بشخصية انهزامية تنشد الاستسلام و التشاؤم.

جعل يديه في أقصى أعماق جيوب سترته ذات القلنسوة، ثم سار بخطوات متثاقلة ليقطع الطريق المزدحمة بالمركبات على اختلاف أنواعها وأحجامها.

لو لا أنه كان محظوظا قليلا لأن الإشارة الحمراء أضاءت بمجرد أن وطئت قدمه مسلك المركبات، لانتهى به المطاف مدهوسا بسبب تغافله عن رؤية الطريق، إذ أنه لم يرفع عينيه عن الأرض البتة.

على الجانب الآخر من الطريق، انتصب سياج اسمنتي مزخرف يخص حديقة عامة؛ تلك كانت وجهة الفتى المقصودة.

شيفرة ليتوفيتشينكوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن