الفصل 05: شبح القديسة

255 42 78
                                    

الفصل 05: شبح القديسة

"أخاف الظلمة، أكره البرد، وأمقت الألم، ولكن.. عندما انهار العالم من حولي، لم يلفني الظلام كما كنت أظن، عيناي لا تلمحان إلّا النور. لم أشعر بالبرد، فيداي دافئتان جدا. لم يحاصرني الألم كما خشيت حتى، كان شعورا أشبه بالطفو في الجو."
——————————————————

اهتز مستشفى 'فيلدسباث' على حالة استنفار قصوى، بعد أن ورد التقرير الأولي لخسائر انهيار المبنى المعزول الذي يقع عند المدخل الشرقي للبلدة.

وسط الازدحام و ضجيج الممرضين و العمال الذي سيطر على الأروقة، التحفت تلك السيدة ذات الشعر الكستنائي القصير والملامح الحازمة بمئزرها الناصع و أخذت تعدل ياقتها و أكمامها بينما تسابق الزمن لتلحق بآخر سيارة إسعاف توشك على الانطلاق، حيث شرع الممرضان بدفع الحمالات إلى الصندوق الخلفي للسيارة، حتى فوجئا بالطبيبة "يلفيا سيلفاني" تقتحم العربة و تتخذ لها مكانا على عجل، منهمكة في إجراء مكالمة هاتفية.

صارعت السيدةُ مشاعر القلق و التشاؤم حين لم تتلق إجابة من الشخص الذي تحاول الاتصال به، ورغم ذلك لم تيأس من المحاولة مرارا وتكرارا، غير مدركةٍ أن ابنتها قد تركت هاتفها في المنزل، وهو الآن يرن فوق المكتب وسط غرفتها المظلمة دون أن يتواجد أحد في الجوار ليجيب.

وماهي إلا دقائق حتى دوى في أرجاء طريق فيلدسباث الرئيسي صفارات سيارات الاسعاف، التي انطلقت تباعا نحو موقع الحادث.
.
.
_______________________________________

ثانية تلو الأخرى، لم تنفك جينوا تضغط على أجفانها حتى صارت عضلات وجهها تتألم، لا شريط حياتها مر ولا شيء آخر غير الظلام.

و لكن ذلك لا يعد شيئا مقارنة بالأوجاع التي وصبت على جسدها كله، بالأخص ذراعها اليمنى.

إن جسدها قد هوى من ارتفاع اكثر من ستة أمتار بقوة دفع خيالية، كان من المفترض أن يتفتت هيكلها العظمي كله إلى أجزاء صغيرة بمجرد أن تصطدم أرضا، ولكن كل ما شعرت به هو انخفاض مفاجئ في سرعتها، ثم شيء دافئ وخز لحمها، أشبه بسائل حار يتدفق تحت الجلد.

بعد ذلك بلحظات أمست مطروحة على الرخام بسلام لا تعاني سوى من ذراع مكسورة و بعض الأضلاع المحطمة، ورضوض هنا وخدوش هناك، وجبينها مفتوح.
هذه الحال أفضل مما كان يمكن أن يحدث بكثير.

و رغم كل ذلك، ظلت جينوا مغمضة العينين وقررت أن تتجاهل فكرة أنها 'ما تزال على قيد الحياة', طالما أن شعور الاستسلام للموت كان أكثر راحة.

ولكن؛ حينما كانت فايوليت و الآخرون على الجانب الآخر تعبث بأذهانهم الحيرة بسبب أصوات الارتطام المبهمة التي عادت لتهز الأرجاء مجددا، كانت جينوا تشعر بها وسط أذنيها.

شيفرة ليتوفيتشينكوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن