الفصل 19: هاجس العهد

95 19 34
                                    

الفصل 19: هاجس العهد

"كيف تأسر قلب أحدهم؟ قدم له أكلا شهيا، الطعام الجيد يمر بالقلب قبل المعدة.. رغم أنه عمليا كل ما يتم ابتلاعه يمر بجانب القلب قبل المعدة."

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بخطوات رتيبة ودقيقة، قرع كعب حذاء أنجيلا الأرض كدقات الساعة المنتظمة، لا تنظر إلا نحو الأمام بنظرات فاترة مختبئة خلف قلنسوتها، ريثما تسير ببطء على الرصيف متجاوزة كل أشكال الحياة في الشارع باكتراث منعدم.

بينما كريس يسير خلفها أعوج الظهر ممتعض الوجه وقد أوشك لون بشرته يستحيل إلى لون شعره الأحمر اللامع بعدما صفعته أشعة الشمس اللافحة، وكان من حين لآخر يحدق بإعجاب إلى واجهات المحلات التي كانا يمران بجانبها، ليس لأنها تستعرض أغراضا مثيرة للاهتمام، بل لأنه يحب تأمل وجهه الوسيم الرائع كما يعتقد.

فعل ذلك مرارا وتكرارا، لا يمر بجانب محل في واجهته زجاج إلا ووقف لبرهة يتأمل نفسه ويعدل شكل شعره، غير عابئ تماما بالخلفية التي يعكسها الزجاج. ولكن عينه في لحظة ما زاغت بعيدا عن وجهه ورأى شخصين يسيران في الجانب الآخر، أحدهما يضحك والآخر يومئ له باسما. إنهما أوليفر وإيفان.

حدق كريس مليا ثم أوشك يستدير ليراهما بشكل أوضح ولكن أنجيلا وضعت يدها على خلفية ياقة قميصه فجأة وسحبته بعنف كي يتابع السير غصبا عنه.

..

تشبث إيفان بعنق أوليفر وضحك بقوة، كان يتحدث طول الطريق بينما استمر صاحبه في الإنصات والقهقهة حين يتفوه الآخر بشيء سخيف.

لا بد أنهما فخوران لأنهما هربا من حملة التنظيف كشعرتين من عجينة ضخمة. خاصة إيفان، كان من الواضح أنه لا يوجد شيء مهم لفعله ولكنه استغل انشغال أوليفر فقط كي يفر بجلده.

وأي انشغال هو هذا؟

بعد دقائق انتهى كلاهما إلى أحد المحلات، كان به طاولات موزعة على الرصيف بينما واجهته مزينة بصور تدور في فلك الحلوى والمقبلات والأطعمة.

كان مطعما أو مقهى، شيء من ذلك.

تنهد أوليفر ببطء ثم حدث إيفان بنبرة متعبة..

-"الكثير من الزبائن.."

رسم إيفان تعبيرا متأسفا وأردف..

-"لا عليك يا أخي، سأنتظرك إذا أردت، أو ربما أتطوع للعمل أيضا"

نفث أوليفر نفسا سريعا قبل أن يكبح ضحكه، ثم عقب ريثما يسير باتجاه باب المحل المفتوح على مصراعيه..

-"أنت أسوأ شخص يمكن أن يتم توظيفه"

ثم صمت برهة بعد أن قاطعه رنين هاتف إيفان. هذا الأخير شحب وتحولت تعابير وجهه إلى الهلع بمجرد أن سمع تلك الصافرة فسحب الهاتف من جيبه بارتباك حتى أوشك ينزلق من يده، ثم تمتم مذعورا..

شيفرة ليتوفيتشينكوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن