-الفصل الأول، نظرة.-

14.7K 288 44
                                    

-الفصل الأول، نظرة.-

_ فين ياض الفخدة الضاني اللي كانت متعلّقة إمبارح؟ قول أحسن أعلّقك مكانها!

_ واللّٰه يا معلم ما عارف هي فين؟ أنا جيت الصبح ملقتهاش فِـ التلاجة.

قالها أحدهم بخوفٍ شديد وجزع وهو يشعر باقتراب الموت منه نظير فعلتهِ التي لا تُغتفر من وجهةِ نظر خصيمه.
لم يصمت خصيمه بل ازداد غضبه من إنكارِ الآخر لفعلته الخسيسة، فأمسك به من ياقةِ قميصه المهترئ ثم تشدّق بحنقٍ:

_ يعني عفريت سرقها يا روح أمك! هتنطق يالا وإلا هطلع بيك على القسم؟!

هدده بصدقٍ وقد عزم على الذهابِ للشرطة كي تأتي بحقّه إذا آثر الآخر على كذبِه.. فالشرطة تملُك طرقًا تُمكِّن المجرم من الاعتراف بخطيئته.

_ يا معلم عامر سيبه ده برضو الصبي بتاعك!

أردف المدعو عامر بغضبٍ شديد لم يُخمد وهو يُناظر المتحدّث:

_ أنا مش بشغل حرامية لا مؤاخذة، والواد ده إما يقول فين الفخدة الضاني، أو هاخده عَلى القسم والظابط يخليه يتكلم.

أردف الشاب الّذِي يمسكه عامر بخوفٍ شديد وجسده يرتجف كما لو أنّهُ مقبلٌ على الموت مدركًا ما سيحدث له عند الذهاب به الشرطة:

_ خ..خلاص هقول يا معلم.. الفخدة عندي فِـ التلاجة عندي فـ البيت، بس والله يا معلم أمي كانت عيّانة عشان كده..

لم يُكمل حديثه بسبب مقاطعة عامر له مردفًا بغضب وهو يُمسك رقبته بقوةٍ حتى كاد أن يخنقه:

_ إسمع يلا تروح تجيب الفخدة حالًا، أقسم بالله لو لفيت ومجبتهاش هخلي أمك تترحم عليك فاهم ياض؟

أومأ الشاب بخوف، فتركه عامر، رحل الشاب مهرولًا ليُنفّذ ما طُلِبَ منه، وضع عامر يده على صدره متنحنحًا بصوتهِ الخشن، ناظر المارة اللذين اجتمعو لرؤية ما يحدُث ولفضِ النزال فأردف بصوتٍ أجش ذامرًا من تجمعهم:

_ إيه هو فرح! مولد وانفض يلا كل واحد يشوف شغله.

تفرَّق الجميع حينما أنهى حديثه منهم المتذمّر والمستحقر لفعلة الآخر، ومنهم المتّفق مع فعلتهِ-بفضح الآخر على الملأِ نظير سرقته لقطعة اللحم وإنكاره- رفع نظره إلى الأعلى فشاهد تِلكَ الجميلة هادئة الملامح الّتِي كانت تنظُر لِمَ يحدث بشغفٍ كطفلة صغيرة سمح لها والدها بمشاهدة التلفاز بعد منعها من ذلك حفاظًا على بصرها.

تلاقت الأعيُن ودقت القلوب بقوة داخل الصدور، ينظُر لها بشغف لم يلقاهُ مذُ زمن شاردًا في ملامحها التي تمنّى رؤيتها وها قد حان ذلك، بينما هي خجلت من تِلكَ النظرات الشغوفة، فدخلت إلى الغرفة بسرعة مغلقةً الشرفة خلفها، ظل ينظُر إلى أثرها بشغف؛ سريعًا ما أفاق من غفلتهِ القصيرة وتنحنح بصوتهِ الأجش، نادى على فردٍ من عمّاله الّذِي لبَّ نداءه، فأردف بصوتٍ غليظ وهو يُشير إلى المنزل الّذِي كانت تقف فيه:

ميثاقًا غليظًاNơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ