-الفصل الثامن، بدايةٌ جديدة-.

1.5K 87 29
                                    

-الفصل الثامن، بدايةٌ جديدة-.

فؤادٌ يصرخ بفعلِ كسرهِ لأكثر مِن مرة، روحٌ هُلِكَت مرارًا وتكرارًا، جسدٌ عانى مِن ردودِ كسر الفؤاد وهلاك الروح، وكُلُّ هذا بفعلِ ماذا؟! بفعل ذلك الشيء الغبي المُلقَّب بالحُب فهو قادرٌ على رفعها لأعالي السماء، وإسقاطها إلى سابعِ أرض، أخذت تبكي بشدة ويعلو صوتَ نحيبِها، لم ترَ ذاك الّذِي يقترب منها مادًا يده مستعدًا لخنقِها والشرع في بدئ جريمته الشنيعة، كان يفصل بينهما إنشًا واحد، فاستعدَّ لقتلها لكن تأتي الرياح بِما لا تشتهي السفن؛ فدقَّ باب المنزل بقوة، فابتعد عنها الآخر مُضمرًا جسده خلف الأريكة الصغيرة المتهالكة، ويلعن الواقف أمام الباب ويسبه بأفظع الألفاظ، بينما الأخرى مسحت دموعها وعدّلت مِن هيئتِها وحاولت أن تجعل هيئتها طبيعية، والتفّت صوب إتجاه الباب، ثُمَّ فتحت الباب، ورأت أُمها الّتِي كانت تنظُر لها بحزنٍ مضمور بداخل مقلتيها، أردفت هيَ بمزاحٍ لتُحاول تخبئة حزنها:

_ جيتِ بسرعة يعني هما كَرَشُوكِ وإلا إيه؟ تعالي إدخلي عشان تعرفي بس إن ملكيش غيري.

أنهت حديثها وأفسحت المجال لأُمها حتّى تدخل، دخلت فتحيّة مغلقةً الباب خلفها، زاغت نظرات جميلة بعيدًا عن مرمى بصر والدتها، وأتت أن تذهب؛ أمسكت الأخرى بيدِها ساحبةً جسدها داخل أحضانِها، لم تقدر هيَ على التحمُّل وأخذت تبكي بشدة، وشهقاتها تُقطِّع نياط قلب أُمها، تحدَّثت بصوتٍ متهدِّج مِن بين شهقاتِها:

_ ه..هو ليه بيعمل فيا ك..كده؟! أنا حبيته يا ماما والله حبيته بجد.. ه..هو اللي بِعِد بَعد ما خلاني أحبه، آآه يا ماما أنا قلبي بيوجعني أوي.. أنا ليه بيحصل لي كده؟! ليه كل اللي بحبهم بيبعدوا عني!

ابتعدت عن أحضان والدتها وسحبتها مِن يدِها سريعًا وسارت نحو غُرفتِها، وقفت أمام المرآة وهي تنظُر إلى نفسها قائلةً بنبرة منكسرة:

_ ط..طب هو أنا وحشة.. أنا وحشة يا ماما عشان يسبني عشانها ويقطع كُل أمل إننا نرجع! ه..هي آه أجمل مني ب..ب..بس أنا والله بحبه.. بحبه أوي.

أنهت حديثها وأخذت تبكي بشدة، وقد كانت في حالة يُرثى لها، حاولت أمها تهدئتها لكن لم تهدأ، اقتربت سريعًا مِن فراشِها وأزاحت الوسادة بعُنف مخرجةً مُجمَّع الصور، جلست على الفراش مردفةً بصوتٍ مُنكسر وهي تفتح الألبوم:

_ أ.. أنا لسه ببص على صورنا يا ماما بصي.. بصي دي أول ما اتخطبنا لما كان بيلبسني الدبلة وبيقولي كلام حلو وأنا أداري كسوفي وأقوله كفاية مُحن بقى! و..ودي دي لما خرجنا سوا واتصورنا اليوم ده قالي إنه بيحبني أوي وعُمره ما هيبعد عني.. طب ليه بِعِد دلوقتي؟!

اقتربت منها فتحية جالسة بجوارها واحتضنتها بقوة وهي تُجاهد حتّى لا تبكي، تشبّثت هيَ بثياب والدتها بقوة صارخةً بألم شديد كأنَّ هُناك خنجر مُسمم متروك بفؤادها.. تحدَّثت بتعب شديد والدموع غرّقت وجهها الجميل فقد أخذ الحُزن كُلَّ طاقتِها:

ميثاقًا غليظًاWhere stories live. Discover now