-الفصل الرابع عشر، أرملة!-

1.1K 58 14
                                    

-الفصل الرابع عشر، أرملة!-

عندما تهاوى جسده على أرضيةِ الغُرفة ودماءه الدنسة تُلطخ الأرضية البريئة من أفعاله السيئة، تهاوت هي ناظرةً إليه بصدمة، اقتربت منه وأخذت تهز جسده بقوة وتُردف بنحيبٍ عالٍ:

_ فوق.. فوق باللّٰه عليك هنضيع أنا وبنتي..

أخذت تحاول إفاقة ولكن أراد اللّٰه أن يرحم العالم البريء من شره، ورغم طعنة الصغيرة الهيّنة ألا أن كِبر سنه كان سببًا ثانويًّا في قتله، أخذت تلطم خديها بقوة، وصغيرتها لم تكُف عن البُكاء، انسل السكين من يده الصغيرة فأفاقت أمها الباكية من غيبوبتها، نظرت لها فتحية بصدمة، سرعان ما هبّت من موضعها وحملت السكين وصغيرتها وهربت نحو منزلها عاقدةً العزم على الهرب بصغيرتها إلى مكانٍ آمن، ولكن لسوءِ حظها لم ترَ الحقيبة الصغيرة التي وقعت منها وتِلك المتوارية في الظلامِ مصوّرةً كل ما حدث...

أغلقت الباب خلفها بقوة وشحوب وجهها ظاهر لأي فردٍ ينظُر لها، كان بُكاء ابنتها هو السبيل الوحيد لنزعها مما هي فيه، مسحت عبراتها وتنفّست بعمق، احتضنت ابنتها وهي تربّت عليها بقوة، سريعًا ما انتشلتها من عناقها مردفةً بنبرةٍ قوية محذرة وهي ترفع سبابتها أمام الأخرى:

_ إنتِ معملتيش حاجة، إحنا رجعنا من الشغل وطلعنا فوق على طول وكان المعلم قاعد في المحل فاهمة.

تحرّك بؤبؤا عينا الأخرى بخوفٍ غريزي من الموقف الواقعة به هي وأمها فابتلعت ريقها بخوف مردفةً بخضوع:

_ حاضر.. ف.. فاهمة يا ماما.

تنفّست الأم الصعداء وهي تدعو الله أن يُنجيها هي وابنتها مما سيحدث لهم من سوء، عقدت العزم على الاتصال بشقيقتها كي تأتي لها هي وزوجها لحل هذه المُعضلة معها..

بعد وقتٍ ليس بالهيّن، ركعٌ عالٍ على الباب أفزع الصغيرة المتوارية داخل عناق أمها كالعصفورِ الصغير المتواري تحت جناح أمه، هدأتها أمها مردفةً بقلق:

_ م.. متخافيش يا حبيبتي، دي.. دي خالتك أكيد.

تشبّث بأمها كالغارق المتعلّق في قطعةِ خشبٍ بالية نجاةً من الغرق، انتشلت أمها نفسها بصعوبة وخرجت من الغُرفة، تمسّكت بغطاءِ فراشها بقوة وإكراهًا بكت بنحيبٍ عالٍ، كان مشهد وقوعه صريعًا غارقًا في دماءه أمرًا صعبًا على طفلة لم تتجاوز العاشرة من عمرها، أغمضت عينيها وتشنج جسدها وتعالى صوت نحيبها الذي غفلت عنه والدتها..

_ هعمل إي في المُصيبة دي! طب أهرب أنا والبت؟!

قالتها وهي تلطم خديها بحسرة وهي تنظُر إلى شقيقتها، أردف زوج شقيقتها برزانة وهي يُحاول تهدئتها:

_ إهدي يا فتحية عشان محدش يشُك فيكِ، إنتِ هتفضلي هنا إنتِ وبنتك وهتكملي تدوير على شقة تسكُني فيها تكون قريبة من شغلك عشان المرمطة، وبعدين هتقولي إننا لقينا ليكِ شقة عندنا فـ البلد وأهو تبقي جنب أختك، إكفي على الخبر ماجور كإنه محصلش فاهمة.

ميثاقًا غليظًاWhere stories live. Discover now