المشي في دروب وعرة

34 3 0
                                    

لم أكن مقتنعة بأن المشي رياضة ذات أثر يُلحظ، لكني جربته كبداية لشخص لا علاقة له باللياقة، كنت أمشي نصف ساعة يوميًا، أخرج عصرًا رفقة هاتفي وسماعتي، وأمشي في حيّنا الشعبي المتباين، فأجد نفسي في شارع لطيف مشجر ونظيف، أو زقاق قذر به زريبة أغنام أو حظيرة دواجن! وأتفاجأ أحيانًا بمكب نفايات صغير لصق بيوت مأهولة، هذه الخرطوم حقًا.

كل هذا لم يوقفني بل شجعني وحمسني، إذ أن حالة الشوارع الكئيبة لم تطفئ مرح الأطفال ولا مجالس الكبار قرب أشجار النيم العريقة وتحت أضلة البيوت العالية. كل مشية كان بها ما يلفت النظر، ما يسحر أو ينفر، كنت أشعر بخفتي تزداد مع كل خطوة، وبعقلي يستريح من التفكير الزائد والهموم، كنت أحرق كل مخاوفي وأنثرها في الطريق. لقد بث في المشي سلامًا نفسيًا لم أعهده من قبل ولن أفرط فيه بسهولة أبدًا.

واستمريت لشهرين حفظت فيهما كل شوارع الحي، وبقالاته ومحلاته وميادينه، وحفظني السكان أيضًا رغم حيرتهم البارزة ونظراتهم الحائرة نحو الفتاة التي تمشط الشوراع بلا فرز ولا كلل كدورية ليلية للشرطة!
أنقصت خمسة عشرة كيلوا جرامًا من وزني ببساطة وسهولة المشي! واقتنعت أن المرء سيصل إن واصل السعي حتى في الدروب الوعرة.

في وداع العشرينات.Where stories live. Discover now