حيث ينتمي المرء

14 2 0
                                    

    يُولد المرء بلا اختيار، ويجد نفسه في بقعة من الأرض سيكبر حبها في قلبه مع الزمن، محاطٌ بوالديه وأهله، وحينها تبدأ الأشياء بالتسرب إليه من محيطه، تتبلور أفكاره ومعتقداته مع تقدمه في العمر. ومع كل ذلك ينشأ لديه الإحساس بالانتماء إلى ما صبا عليه، ويصعب عليه أن يتخيل يومًا ما نفسه دون هذه الأعمدة التي نصبت الإنسان الذي هو عليه الآن.

    ولكن هناك أوقات يُصاب فيها المرء بشيء من التزعزع، عدم الأمان وفقدان البوصلة، ويصير كل ما اعتاد عليه غريبًا وبعيدًا عن مداه، ولا ينتمي إلى أشياءه القديمة، فقد تحطم ما بناه وقد خارت قواه، وأصبح يبحث جاهدًا عن إلى حيث ينتمي المرء، إلى أين يا ترى بعد الضياع؟

تمضي أيامه بلا وقعٍ على نفسه، ويسمح لها بالمرور ولا يُؤاخذها، يعيش كما أوصى الشاعر:
«دعْ الأيام تصنع ما تشاء  وطِب نفسًا إذا حكم القضاء»
وهناك صدى صوتٍ بعيدٍ في رأسه يعده بالعودة إلى كل ما عهده وفقده بين ليلة وضحاها، يهمس:
«حتمًا ستعود ولو بعد حين، لا تبتئس.»

في وداع العشرينات.Where stories live. Discover now