سأسميه شهر الوحدة، لأني لم أتحدث مع صديقتي الوحيدة تقريبًا طوال الشهر، وبالتأكيد سيكون ذلك بسبب قهري ولا يد لنا فيه؛ وكان انقطاع الاتصالات هو هذا العارض. ومن مساوئه أنه قللّ علي المتع ومشاركتها.
فلا يمضي يومّ دون محادثتها، ولا يكتمل فرح إلا بمشاركتها، ولا قرار دون مشورتها، حبيبة قلبي حفظها ربي ورعاها.
مع ظروف الحرب كل شر متوقع، وانعدام الأمن والخوف لن أتمناهما يومًا لأحد، كانت الشائعات تثير فينا القلق والرعب، وقليل الأخبار الطيبة يطمئننا، لكن في العزلة تتضاعف المعاناة، ولا أخبار سوى من التلفاز، وليس موثوقًا؛ فإعلام جيشنا يهوى بيع الأمل لنفوسنا الجوعى. ندعوك يا رب أن ترفع بلاءنا برحمتك ومنتك.
يقال أن لكل أمر جانبان، نفع وضرر، وسأحاول أن أكون متفائلة، فانتفعت بالوقت الفائض بقراءة الكتب المهجورة منذ شهور، والحلقات المتراكمة في تطبيقات البودكاست، وبعض الأفلام والأنمي، بنيت عادات جديدة وجيدة عوضًا عن عاداتي السيئة المتمثلة في تضييع وقتي في مواقع التواصل الاجتماعية، تمتعت بالهدوء والسكينة، تأملت السماء كثيرًا بغيومها وحين صفاءها، وعند الغروب، وفي ليلها الدامس وبدرها المنير وهلالها الرقيق.
نظفت هاتفي ورتبته، وتنقلت عبر الصور إلى ذكريات قرببة وبعيدة، مفرحة ومبكية، وأخرى تثير الندم والشوق والحنين، والعديد من وجوه الأحباب والصحاب ما عدت أدري أين ذهبت مكانتهم في قلبي، ولكنها حتمًا تغيّرت، فسبحانه ربي مقلب القلوب ومثبتها.
ولن أنسى تعرفي على ألطف زميلتين لي في عملي أو تدريبي المؤقت، لن يخفى عليكم تورطي في علاقات صداقة فاشلة ومسمة ومن طرف واحد، بسببها تزعزت ثقتي في هذا المفهوم وكنت سأحرص على صديقتي الوحيدة وكفى، ولكن بفضلهن عرفت أنه لا يزال في الناس خير وأن الصداقات إن بنيت بصدق وباهتمام مشترك وحب للغير لن تفشل أبدًا. أدام الله بيننا الأخوة والحب.
