الفصل السابع

2.8K 214 31
                                    

الفصل السابع
بقلم عبدالرحمن الرداد
***********************************
سبحان الله، الحمدلله، لا إله إلا الله، الله أكبر
***********************************

سار الشارع الطويل المؤدي إلى منزله وكانت علامات الدهشة تسيطر على وجهه بسبب خلو هذا الشارع الذي اعتاد على ازدحامه كل يوم، ظل ينظر يمينًا ويسارًا عله يجد أحد لكنه لم يجد ما يتمنى حتى وصل إلى منزله ليجد صديقه «ياسر» الذي زينت تلك الابتسامة وجهه، كان وجهه مُنير وملابسه خضراء اللون مما جعل «إلياس» يقول بصدمة وعدم تصديق:
- ياسر! أنت لسة عايش؟ أنا وصلتك لقبرك بإيدي!
اتسعت ابتسامته أكثر ورفع يده اليمني في الهواء بإشارة منه أن يقترب أكثر فتقدم «إلياس» على الفور وضمه إلى صدره وهو يقول:
- مش مهم، المهم إنك عايش وشوفتك
ظلت تلك الابتسامة ولم تغادر وجهه حتى ابتعد عنه قليلًا ليقول بتعجب:
- مش بترد عليا ليه يا ياسر! أنت زعلان مني؟
حرك رأسه بمعنى "لا" ونطق أخيرا بعد صمت طويل:
- عمري ما زعلت منك يا إلياس، أنت قلبك أبيض وجدع علشان كدا جيتلك أنت، جيتلك علشان أقولك أوعى تصدقهم يا إلياس، خليك واثق في صاحب عمرك، أنا عمري ما اشتغلت في حاجة تغضب ربنا، ربنا شاهد على براءتي
هنا وضع كفيه على كتفيه ليقول بصوت مرتفع:
- عمري ما هصدق حد يقول عنك كلمة وحشة يا ياسر، لو هم ميعرفوش مين ياسر فأنا أعرف
رسم ابتسامة هادئة على وجهه وردد قائلًا:
- اتكتب عليك يا إلياس تعاني وتعيش واقع مؤلم بس ده اختبار من ربنا ليك وأنا عارف إنك هتصبر وتتحمل، طريق الشيطان هم مشيوه من زمان أوي ودلوقتي اتكتب عليك تواجه وتصد، واقع هتعيشه، لازم تعيشه يا إلياس بس أوعى في يوم تنسى أصلك ودينك علشان بس تواجه
ضم ما بين حاجبيه بتعجب وحيرة فهو لم يفهم القصد من تلك الكلمات لذلك ردد بتساؤل:
- أنا مش فاهم حاجة، أنت بتقول ألغاز ولا ايه!
عاد جملته الأخيرة مرة أخرى قائلًا:
- اتكتب عليك تواجه وتصد، واقع هتعيشه، لازم تعيشه يا إلياس بس أوعى في يوم تنسى أصلك ودينك علشان بس تواجه
وفي تلك اللحظة اختفى من أمامه فالتفت حوله بصدمة ليقول بصوت مرتفع:
- ياسر! ياسر أنت روحت فين؟ ياسر رد عليا
وأثناء التفاته تفاجئ بوالده أمامه، كان يرتدي تلك الملابس التي كان يرتديها في تلك الليلة التي حدث فيها كل شي. لم يصدق عينيه وتقدم بخطوات هادئة نحوه وكأن ما يحدث هو حلم جميل طالما تمنى حدوثه، اقترب أكثر وأكثر حتى أصبح مقابلًا له تمامًا فابتسم والده قائلًا:
- ايه موحشتكش، أنا وحشني حضنك
في تلك اللحظة ارتمى بين ذراعيه وبكى بصوت مرتفع كأنه طفل تائه منذ سنوات طويلة والآن قد عاد إلى بيته من جديد، حضنه بقوة وكأنه يُشبع حاجته وحبه إلى والده وأثناء ذلك ردد بصوت باكي:
- وحشتني اوي يا بابا، وحشتني فوق ما تتخيل، وحشتني يا احن أب في الدنيا، أكيد ده حلم مش حقيقة بس تصدق أنا عايز الحلم ده يطول للأبد، عايز افضل معاك علطول يا بابا، متسبش ابنك لوحده تاني، علشان خاطري متسبنيش
ظل هكذا لبعض الوقت قبل أن يبعده والده بهدوء ويضع يده على كتفه قائلًا بابتسامة:
- كل واحد ليه مهمة بيأديها في حياته يا إلياس، أنا مهمتي انتهت لكن أنت مهمتك يعتبر في بدايتها، مهمتك اصعب من مهمتي واصعب من مهمة كتير لكن اللي اعرفه إنك تقدر، أنت هتكمل وهتواجه ولازم تتحمل يا إلياس
حرك رأسه بمعنى "لا" وردد بحزن وضعف واضحين:
- مبقتش قادر اتحمل يا بابا، الحمل تقيل أوي
هنا جاء رد والده:
- الصبر والتحمل هما اللي هيساعدوك تتخطى ده، ده قدر ربنا ولازم تصبر وتتحمل، أنت قوي وإيمانك لازم يبقى قوي، طريقهم طريق شيطان ونسيوا سبب وجودهم من زمان، هم اللي هيدوروا عليك مش أنت اللي هتدور وده اللي هيصعب مهمتك، خليك ثابت يا إلياس، خليك ثابت
وفي تلك اللحظة اختفى والده هو الآخر فنظر حوله وهو يردد بصوت مرتفع:
- بابا أنت روحت فين، مشيت ليه ملحقتش اشبع منك، بابا رد عليا، بابا

شــمــس إلــيــاسWhere stories live. Discover now