٧٢-"عِنَاقْ خِلال كَلِمَاتْ"

250 34 77
                                    

..

احمد:

خرجَ من منزل ايدان كعادة كُل يوم
يُحارب حزنه، وبؤسه
مُضطرًا لمواجهة الآخرين
مُتجنبًا نظراتهم..
مُشيحًا بوجهه عنهم
مانعًا عيناه المُرهقتين من قراءة مايقع خلف انفسُهم

اثناء استراحته الأولى
هو قد جلس بقرب مقعد ايمن
بينما ايلين وجُلنار جلستا امامهم
كانت ايلين صامتة، كعادتها مُنذ عام
ماحول عينيها يشرح كمية الفقد
والحُزن الكبير الذي فاضَ مِن مُقلتيها
ليكون ظاهرًا للعيان..

عيناها مؤخرًا تبوح بالكثير، رُغمًـا عنهـا
تفضَحُ أمر مشاعرها المتأججة  كَنار مُضرمـة
تأبى الإنطفاء..

ايمن ابتسم بحماس ظاهر على وجهه
تحدث بلهفة واضحة بصوته
"يا رفاق لا تعلمون ما الذي حصل اليوم  اكملت اجراءات شراء المنزل المنتظر واخيرًا سننتقل انا وابي واختي ونتحرر من منزل جوري والاهانات التي نراها في اعينهم"

ابتسمت جلنار بفرحة صادقة وقالت
"أنا سعيدة لاجلكَ كثيرًا كنتُ واثقة انك تستطيع فعل ذلك"

رسم احمد ابتسامة هادئة على وجهه
"الحمدلله من قبل ومن بعد،  ليجعله الله فاتحة خير ورزق وسعادة عليكُم".

" آمين،  سلمت"
اجاب ايمن

"مُبارك،  ليكُن مليئًا بالسرور والسعة،  والحُب"
نطقت أخيرًا ايلين وهي تبتسم بإجهاد.

"إن شاء الله،  سلمتِ".

احاديث كثيرة ذهبت واتت
بينما ايلين صامتة تحدق بنقطة ما في الطاولة
عيناها تلمعان بالدموع،  ويداها تشد على تنورتها بقوة

" يارفاق،  انا افتقده".
تنطق بصعوبة بينما دموعها تسقط.

ليتنهد احمد،  وجلنار اقتربت تحتضن كتفها برأفة
وايمن يتبادل النظرات بينها وبين احمد.
كيف يستطيع الأنسان مواساة الآخر وهو بحالة إشتياق شديد لشخص ميت بنظرهم!

"لم اعد استطيع تحمل لوعة فؤادي،  حريق لاينطفئ منذ سماعي بخبر وفاته،  وأنا لا اتقبل الامر ولن افعل،  مهما حاولت نسيانه،  اجده ينتشر في افكاري اكثر"

"انا أحبــه، اكاد اموت من فرط حُبه، هو من منح حياتي الرمادية الوانًا،  هو من ساعدني دون وعي بتخطي الكثير،  هو من اعاد السعادة لروحي،  والآن سلب كُل شيء برحيله".
صوتها المكسور،  دموعها التي بللت وجنتيها
وجنتيها المحمرتين،  وملامحها الشاحبة

" سيعود،  ايدان لم يَمُت".
قال احمد كلماته بينما حُرقة تمتد في يسارِ صدرهِ
ينهض ويبتعد خارجًا من المكان..

شظايـــا قلـــب. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن