الفصل 26 : تيّار الأجساد

607 32 69
                                    




الواحدة والنصف بعد منتصف الليل ..


" صافرات مغادرة الرحلة الأخيرة للقطار "


جرت بشدة بهيئة بذئبتها تسابق الرياح ، خدشتها عدة أغصان أثناء جريها السريع وجرحتها لكنها تجاهلت كل هذا تصب جل تركيزها على لحاق القطار بالرغم من جسدها الذي يقطر دمًا لكنه لم يعيقها عن الجري ، وهكذا حال بها الأمر حتى إقتربت من موقع القطار الذي بدأ التحرك بالفعل .. إستمرت تجري بشدة تلحقه وتلك الظلال تجري خلفها ملتصقه بها كألتصاق الغراء بما يلامسه ... كان يفصلها عنهم اشبار فقط .. اشبار بسيطة قبل أن تقفز الأخيرة في القطار محطمتًا النافذة مع إندفاع جسدها 

تناثر الزجاج أثر الإصتدام وأرتعب الموجودون مع الدخول الفجائي ، أمسكها الحرس لكن تراجعوا فور أن عرفوا من تكون ...


أخذت الأخيرة تلتقط أنفاسها بإرتياح بعد تلك المطاردة المميته ثم بدأت جروحها بالإلتئام شيء فشيء مع هدوئها ، لم يكن أحد يجرأ على وضع أعينه بعينيها الحادتين أو التحديق بقوامها الممشوق الذي تسيل منه الدماء ، أسندت الفتاة جسدها على المقعد ثم حدقت بسقف القطار للحظات قبل أن تطبق عينيها متنهدة ...



وصلتُ لمنزلي في منتصف الظلام الحالك ، لم يكن القمر بازغًا الليلة ما زاد من شدة حُلكة السماء ... إلتأمت جروحي وعادت لطبيعتها الأولى ، فتحت باب منزلي وأغلقته خلفي بعد المسير الساكن لي في القرية نحو المكان الذي تتوقف فيه محاولاتي بالهرب .. لكن الهروب من نفسي لن ينتهي ، لا في منزلي .. ولا أي بقعة من هذا العالم اللعين ..

أسدلت الأخيرة ملابسها الممزقة بعد القتال من على أكتافها بهدوء ترميهم في إحدى زوايا الغرفة ليكونوا ضحية الغسيل صباحًا وهذا إن ملكت مزاجًا لذلك ، كشفت عن لون جسدها المائل من الحنطية نحو السمار الخفيف ثم وقفت أسفل مرش المياه حتى لم تعد قدماها تحملانها فألصقت ظهرها بالجدار وانسدلت ناحية الأرض تضم ركبتيها لصدرها دافنةً وجهها بداخل أذرعها ..

وبكت ..

بكت كما لم تفعل من قبل ..

بكت من كل الحواس

بكت كأنها لا تبكي ، بل تذوب دفعةً واحدة

وتمطر ...


لا أظنني شعرت بالأمان والسلام الداخلي سابقًا ، كنت أشعر كأنني خرساء خذلتها الحياة .. تعانق الصمت وتجتاحها رغبة عارمة بالإبتعاد والهروب ، كما يهرب مني الجميع كالعادة .. وهذا دون معرفة حقيقتي حتى ، فكيف إذا علموا بماذا أكون ؟ صدقًا لا آبه ، لا آبه بماذا سيظنون وبماذا سيشعرون ، اللعنة عليهم لا أكترث تقبلوا حقيقتي أم لا ! 

لعبة الغميضه مع مستذئب part 2 { متوقفة حاليًا }Where stories live. Discover now