« 39 : الـورقـة الـمـفـاجـئـة »

666 84 2
                                    

.
°
.
°
.
°
.
°
.
°

< 1/1/148 R, Hr 10:00 AM >

« ركض اتجاهي وملامح الفرحة الشديدة على وجهه -ففردت ذراعي لأحتضنه- قائلا بصوته الطفولي: أبي.

ابتسمت أحمله، ثم بعثرت شعـره بلطـف: روح قلبـي.

قبلت خده وأنزلته للأرض لأنزل لمستواه: أين إليني؟

قلت أنظر لوجهه، وقد نظر هو خلفه: تلعب بالحديقة.

حملته مجددا، وخرجت به للحديقة، كانت هناك طفلة جميلة صغيرة جالسة على الأرض وتمسك كرة بيديها الصغيرتين، هذه هي إليني ابـنة أخـي، طفلـة رضيعـة تمتلك سنة ونصف فقط، رأيتها تنظر لي فور قدومي، ثم تركت الكرة، ووقفت بصعوبة بقدميها الصغيرتيـن، متجهة نحوي، فأنزلت أبني، وانحنيت لأحملها، ولكني تفاجأت بأنها تركض خلفي بسرعة، استقمت، ونظـرت خلفي، فوجدته والدهـا الـذي حملهـا بسرعـة، ورفعها؛ ليقبل خدها، ظلت تضحك وهو يلعب معها، ويداعبها، حتى ذهب ليقعد على الكرسي، فذهبت لأقعد بجانبه، سمعت ضحكته فالتفت له، فوجدته ينظر لي: ما بك؟

قال بهدوء، فابتسمت، ثم ضربت فخذه بكفـي بهـدوء مازحا: لا شيء أخـي، أعطينـي، أنا لـم أحملهـا أبـدا.

حاولت أخذها ككل مرة، وأنا أشعر بالسعادة، لكنها قد رفضت واختبأت بصدره، فضحكنا للحظة على شكلها اللطيف، وهي تنظر لـي بعبـوس، وقـال: هـي لا تريـد.

قال، ثم لصق أنفه على أنفها: أليس كـذلك ؟ حبيبتي.

ثم وضعها على الأرض، ونادى على ابني؛ ليلعب معها، كنت أنظر لهما بسعادة، كمْ تمنيت أن يكون لي طفلـة، ألعب معها واجعلها أميرتي، كنت أرى ليونيداس يلعب بمفرده عندما تأخذها والدتها لتنام، لكن هذا ما حدث، فقدت زوجتي الحبيبة، ولا أعتقد بأني سأحب غيرها، هي وفقط للأبد، نظرت لأخي، وقلـت: أين زوجـتك ؟

فنظر لي وقال: أسيلا ! في غرفتها، لم تستيقظ بعد.

ضحكت، وقلت إنها كسولة، فقاطعتي بصـوت محـذر: أوليڤر ... لا أسمح لك بالحديث عـن زوجتـي هكـذا.

ثم ظل يضحك مازحا، بيقيا هكذا لمدة، بعدها وقفت، واتجهت لداخل القصر، فصدمـت بوجودهـا، نعـم إنهـا هي، أو ربما أتخيل، لا إنها هنا فعلا: هـ هـ هارلـي ؟ !!

نطقت تلك الأحرف بصعوبة والتي لم تخرج من فمي لخمس سنوات ربما، فقط كنت أكتفي بذكرها داخلي، لقد اشتقت لكِ يا هارلي، حينها وقفت مكاني أنظر لها بصدمة، ثم تقدمت لها ببـطء، وأنـا أرى تعابيرهـا التي تتغير تدريجيا كلما اقتربت منهـا، لـمَ ؟ ألا تتذكرنـي ؟

اقتربت منها، ورفعت يدي؛ لألمسها، أردت التأكد ما إن كانت حقيقة، أم لا، ولكن، قبل أن ألمسها ابتعدت مـن أمامـي، وركضـت، فمسكـت معصمهـا، وقلـت: هارلـي.

وتأكدت إنها حقيقة عندما مسكتها، إنها فعـلا حقيقـة، أردت سؤالها عما فعلته، لكني حضنتها قبل أن أقـول، قبلتها، وقبلـت رقبتهـا، اااه لقـد اشتقـت لكِ حبيبتـي، اشتقت لرائحتك، ودفئك، اشتقت لكل شيء يخصـك: لقـد اشـتـقـت لكِ ؟ لـمَ فعلـت هـذا ؟ لـمَ تركـتِـنـي ؟

ثم شعرت بها تبعدني عنها بقوة فتركتها فصرخت: ما الذي تفعله أنت ؟ أنا لا أعرف حتى من هي هارلـي ؟

فأدركت أنها لا تتذكرني، لقد عدت لنقطة البدايـة مـن جديد، لكن لا يهم المهم إنها معي الآن، لقد اشتقت لها جدا اشتقت لها بقدرما يشتاق رجل في الصحراء لماء وهو لم يتذوقها من أسابيع، لا بل أشهر كثيرة، ولكني كنت أصمد من أجل ذلك الطفل البريء الذي لم يحـظ بأم حتى لترضعه، للحظة شعرت أن لو لاه لما صمدت كل هذه المدة بدونها، لكنت ميتا حزنا عليها: آرينـا ؟!

فتغيرت تعابيرها للصدمة، ورجعـت خطـوات للخلـف، فقررت مناداتها بآرينا؛ لتصدقنـي؛ ولتقتنـع بالحقيقـة: أعرفك، لا تعرفينني لذا اسمعيني؛ لأخبرك كل شيء.

كانت ملامحها مصدومة، ولم تنطـق بـأي شـيء، حتى أني شعرتها تريد سؤالي كيف استطعت معرفة اسمها، ولكنها لم تتكلم، ذهبتْ معي لغرفة الصالون، وجلستْ على الأريكة، أردتُ الذهـاب؛ لأجلـس بجانبهـا، ولكنـي تمالكتُ نفسي، ما بها أن أصبر قليلا؛ كيلا تظنني رجلا سيئا، لا أريدها أن تخاف مني، وتكرهني، مثلما فعلـتْ آرينا الغبية في البداية، ههه أردت الضحك، ولكن هذا ليس وقتـه؛ فهـي لا تعـرف بمـاذا أفكـر أساسـا، كنـتُ سعيدا جدا، شعرتِ بأنني سأنفجر من كثـرة سعادتـي.

جلستُ أمامها لأخبرها كل شيء، أنها هي هارلي وإنها جاءت إلى هنا قبل خمس سنوات، ولكنها بعدما فكتْ اللعنة اختفتْ وذهبتْ، ثم فاجأتني بسؤالهـا الـذي لـم أتوقعه، سؤالها المحـير: إن كنـتُ قـد كسـرتُ اللعنـة، أخبرني كيف استطعتُ المجـيء إلـى هـنا مجـددا ؟!

فصمتتُ، لا أعلم ما سأقوله، لا أعلم كيف جاءتْ، وهل الساعة ما زالت تعمل، نظرتُ لها أفـكر، وقـد انتظـرتْ إجابتي التي لا أعرفها، فتحتُ فمي لأقول: أنا لا أعلم

نظرت لي قائلة: لم أقتنع، ما دليلك؟ ربما أنت تكذب.

لقد قالتها، هذا ما كنت أخشاه لقد قالتها، ماذا أفعـل ؟

آه تذكرت أنت ذكية حقا آرينا، عرفـت الآن لـمَ فعلـتِ ذلك ؟ هل كنتِ تعرفين أنك ستأتين للماضي مجددا ؟

وقفتُ على الفور، متجها للمكتبة؛ لأحضر عقد زواجي من المكتبة التي بقسم هيراكليـس، جلبـتُ الورقـتـان، إحداهما بلغتنا، والأخرى بلغة آرينا، ويـال سعـدي لقـد كانتْ بخطها هي، ذهبت مسرعا للصالون وأعطيت لها الورق؛ لتقرأه، لم تفهم أي شيء من لغتنا ولكنها قرأت الورقة الأخرى التي لم أفهـم أنـا منهـا أي شـيء، عـدا اسمي الذي وقعت به الورقة بالأسفل، وربما هـي الآن متعجبة، ربما هي الآن محتارة، ولن تجد أي خيار غير تصديقي، والاقتنـاع بالحقيقـة التي لا خيـار لهـا ... »

.
°
.
°
.
°
.
°
.
°

« مَا وَرَاءَ اَلسَّاعَةِ »حيث تعيش القصص. اكتشف الآن