030

616 54 112
                                    

تايهيونق !
وصرخت عليه أطرق الباب اللذي أغلقته بيدي، صرخة رجاءٍ لئلا يذهب. لئلا يغادرني، لئلا يأخذ مني كل الراحة اللتي عانيتها وقستها وذقتها حين كان هنا. لا أعلم ما ان كنت قد احسنت الفعل، بعودتي، بمجيئي، بهروبي الأبدي. فأنا هنا اليوم .. حسب ظني، مستعد لأن أُنهي كل ذلك الخوف اللذي مرّ بي، لحقني، أدماني، عن طريقه

فأنا في هروبٍ أبدي. مني. من عائلتي، من أفكاري والأرواح اللتي تطاردني، فلماذا لا أتوقف عن الهروب هذه المرة؟

تايهيونق !
واخذت أطرق الباب مجددا، لست متأخرا .. أنا حقاً .. لست متأخرا فقد جئت بكل ما فيّ من سُرعة.

أرجوكِ زهرتي إفتحي لي
وان هذه كل آمالي في تلك اللحظة، الّا يكون قد غادر. فأنا قد أُجن. قد يأكلني حزني وافعالي مما فعلت، ومما قدمت، ومما قد خسرت الى الابد. لكنه فتحَ لي بغرابة، بلْ بكل تلك الوداعة اللتي اعرفها، بقميصهِ الوردي الناعم، وعينيه اللتي غيرتني. اللتي صنعتني ونحتتني لأكون انا، وفي تلك اللحظة .. غلبني ذلك الشوق اللذي توسط صدري، واحتضنته. الفُّ ذراعاي على جسده، اتحسسه واُفكر قليلا بكيّفَ انّي فكرت في لحظة ان اُغادر، وكيّف انّي اخبرت نفسي بئلا اعود، وكيف لا اعود؟ وحُريتي هنا

لماذا جئت؟
وسألني، ولأسبابٍ عدّة لم اُجب. كان كل شيء على فمي ولكني فقدت نفسي هنا بين يديه، فقدت قدرتي وولعي وكلماتي، ولم يبقى لي سِوى شفاهي اللتي ارجوها ان تفعل، ان تتحدث. ان تُبرر وتقول، الا انني ارتميت. اُقبله دون توقف، ادفعه حتى يتوسّد قلبي. حتى يختفي في داخلي. حتى تأكلهُ مشاعري وتخبأه من كل هذا الألم

هل تراني قوياً الى هذه الدرجة لئلا اعود؟
اخبرتُك .. أنت كُلُّ ما أريده يا تايهيونق
وما لي غيره لأتركه؟ ولا أعلم، حدثت نفسي مراراً في تلك الليلة، فلم أختفي الا ليلة، عمّا حدث لي بسببه. وعن كل الاشياء اللتي فقدتها واكتسبها بحضوره. ولماذا هو؟ ولماذا أنا؟ والى ما أرجو، والى ما سيُعطيني إياه تايهيونق بعيدا عما سيعطيني إياه غيره؟

لا أفهمُك
وحاول الابتعاد عني، واشتعلت في داخلي روح التعلق والحاجة اليه. الى سمار خديّه. الى عينيه وكلّ تلك الرقّة اللتي تكتسيه. تكتسي جسده، اصابعه، وبأكمله هو

لكنّك غادرت. وعدت الى المملكة، ماذا دهاك الآن؟
وكان يبدوا لي خائفا، ليس مني، بل رُبما من عودتي، من مجيئي المفاجئ. وحتى انا لا أعلم لماذا عُدت ! لعلّي شعرت بالقوة لأعود الى القصر في الأمس، الا انني اشعر بالضعف الآن، اشعر به يأكلني، يغذيني، ولن أقوى حتى على مجابهة هذا العالم من دونه

أسفوديلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن