9) إلى حيثُ يهوى القلبُ

424 43 6
                                    


---

‏" فإذا وقفتُ أمَام حُسنكِ صامتاً،
‏فالصّمتُ في حَرَم الجَمال جَمالُ! "

‏⁧‫#نزار قباني‬⁩
---
---

ودّعت كارا في المطار بودّ الأصدقاء وانطلقت الى لندن ، مدينةُ الضَّبَاب . .
ولكن لا للسياحة بل لأجل العمل ، شعرتُ بنعاس شديد في الطّائرة فأرخيت جسدي وأغلقت عيناي لأنام .
___
بعد مدّة لم أحسبها ، فتحتُ عيناي بسبب الضوضاء في الطّائرة فأدركت أنّنا وصلنا ، نهضت وشعرت بجوع وتعب .
بعد ان خرجت من المطار توجّهت نحو احدى المطاعم البسيطة في شكلها واللذيذة في أكلها .

رغم انني ذهبت الى لندن على مضض ، الا انني شعرت بشعور غريب غامر بالسّعادة حين استنشقت هوائها اثناء نزولي من الطّائرة .

شعور شعرتُ به مُسبقاً .. وسعادة أشمّ شذاها في ارجاء لندن .

نظر اليّ نادل المطعم وهو يتأمّل تقاسيم وجهي بعمق عاقداً حاجبيه .

- عُذراً ؟
قلت باستغراب

- اوه المعذرة وجهك يبدو مألوفاً .
ردّ متداركاً شروده

ضحكتُ قائلاً :
- لم آتي الى هُـنا قبلاً قط .

- نعم اعلم .

رفعت احدى حاجبي مستنكراً ثم سألت :
- اذاً كيف يبدو وجهي مألوفاً .

ا- أظن أختك او حبيبتك أيًّا كان ، دوماً ما تأتي الى هُـنا ، احدى الأيام نسيَت هاتفها وكانت الخلفية صورتك انتَ وهي .

أردف بلامبالاة :
- ولكنها انقطعت عن المجيء هذا الأسبوع ، لا تأتي الا حين تكون بحال جيّدة .. نوعاً ما .

وقفتُ وقد شعرت بقلبي يخفق بشدّة ، ياللأقدار ! ها ستجمعنا مرّة أُخرى .. أرجو ان يكون النّادل صادقاً ، أرجو هذا بحق ..

فعلاً الى حيث يهوى القلب تهوي به الرّجل ، أتيت الى لندن كارهاً رغم هذا شعرتُ بأنفاسي الأولى على سُلّم الطّائرة تُخبرني أنّ جُزئاً منّي توارى هنا .

سألت بجديّة :
- أين تسكن ؟

- وما أدراني !

- أرجوك حاول تذكّر أيّ شيء .

- آسف لديّ أعمال يجب ان أقوم بها .
ثم ذهب وتركني أتيهُ في أفكــاري .

خرجتُ من المطعم وعقلي بعيداً كُلّ البعد عن قائمة أعمالي الّتي خططت لإنجازها او عن الوقت الَّذي يضيع بلا جدوى في التّفكير بها ، كُل ما ارغب به آلان ان اجدها ، وأراها ..
رَبِّاه ساعدني
---

بينما أنا أجوب شوارع لندن واضعا يديّ في جيب معطفي لفت نظري إمرأة في منتصف الثلاثين تعزف على الكمان ، يجتمع حولها الكثير ممن يستمعون باستمتاع والبعض يُعطيها النّقود ، شدَّني وجذبني الصّوت فتقدّمت مع حشد من النَّاس حولها وبقيت أستمع لعزفها المُبهج ، وانا اكاد اجزم ان لكل نغمة قصّة ولكل قصّة معزَّة وكأنّها تقصد معيشتي في عزفها .

___

انحنت تضع المال بابتسامة شاحبة ارتسمت على ثغرها ، خصلات شعرها الكستنائية كما الشوكولاتة تُغطّي وجهها ، تلك الخصلات الّتي اعتدت على تخلل يدي اليها بهدوء . .
اتوق لتلك اللّحظات ..
! ! !

صُدمت وفوجئت بوجودها ، أنا حقًّا أشعر بأن الأقدار عادت تصطف بجانبي . . تارًّة تبهجني وتارًّة تسلب منّي أحباباً .

بقيتُ أحدق وانا أشعر بتجمّد جسدي عاجزاً عن الحديث ، الى ان ابتعدَت شيئاً فشيئاً ولم تلاحظ وجودي ، لحقتها وانا لا اعلم حقاً أيُّ الكلمات أصطفي  لأبدأ عتابي . . ؟

- هايلي !

قلتُ بخفوت سمعَتْه ورأيتُها تتوقف فجأة ارتعشت أطرافُها وأشعر بدموع تتجمع في محجريها . .
ليست كأيّ دُمـوع

ابتلعت ريقها ولم تلتفت لي وكأنّها تخشى رؤية ما لا تُرِيد . . وان تنهمر عليها جمل وكلمات التأنيب بقيتُ صامتاً بدوري ، ماذا أقول ؟ بِمَ أبدأ ؟

استجمعت قواي وقلتُ بصوت خائر :
- لماذا ؟

لا أقوى على نطق المزيد ، لأَنَّنِي في المرّة المقبلة سأمطر عليها حروف الشّوق لا اللّوم أو حتّـى السّؤال .
__________
__________

اهلاً ❤️ .

اذا في أي تعليق او تنبيه او حتّـى أخطاء علموني بالكومنت او بالخاص وشكرا لكل الي يدعمني منجد الله يسعدهم ): ❤️.

تناثـُر الأحمـَر Where stories live. Discover now