__
---------أمسكت بقلمِها لتنزِف من حبرهِ حُروفاً مُبعثرة ، الدُّموع استُنزِفت و التّكذيب والعويلُ انقضى وقتُهما .. وقد حان الوقت لتُطلق العنان لما بداخلها ، لتنتشل الْحُزن الَّذي يكمُن بجعبتها ، بالطّريقة الوحيدة لها وللعديدِ غيرها ؛
الكتابة ..!___________________
___________________طفلتــِي حبيبتي ، يا جُزءً منّي وقطعة من فؤادي ، انتِ لا تعلمين كم أُحـُبّـك ، حُـبًّا جمًّا يكادُ يقتلني شوقاً لأراكِ ، صحيحٌ أن حين تلتقطين أوَّل أنفاسك سأكونُ قد تلفّظتُ آخر أنفاسي ، ولكن رغــــمَ هذا أنا أكثرُ من يُحبّكِ .. ولعلّ أكثر كلماتٍ ستتردد في رسالتِي ؛ سيكون محتواها حبّــي لكِ !
أخترتُ لكِ اسماً يليقُ بك ، اسماً ذا ميزة عظيمة في قلبي لأَنَّنِي اخترتُهُ لك .. ولأنّهُ لك
- مــيــلادا -
ومعناه ، مكنونهُ الحقيقيّ يا حبيبتي ، هو الحب ..
انتِ حُبّي رغم أنّني حتماً سأكون في قبري حين تقرأي هذِهِ الرّسالة ..كانت أمنيتي هذه الأيّام أن تكبري أمام عيناي ، أن ارى في عينيكِ مرحَ الطّفولة ، هوسَ التّجميلِ في المراهقة وتراهاتُها والحيرة ، فتأتينَ لتستشيريني وأُرشدكِ ..
تمنّيتُ أن اراك تنضجين يوماً بعدَ يوم .
ولكنَّ الأَمَاني لا تتحقّقُ دوماً يا صغيرتي ..طلبِي الوحيدُ أن تأخُذي بكلماتي ك قُرطٍ في أُذنيك لا تخلعيهِ على الإطلاق ، ولا تجعليه يندثر في صفحات النسيان ، بل أبقيهِ مدى الدّهر زينةً على أذنيك ..
سأكتبُ لك يا لذّة آخر أيّامي ؛ الكثير مما مررتُ بهِ ، لتعلمي مقدار أملي بك وأنّني ناضلتُ وقاتلتُ بضراوة لأجلك لأَنَّنِي أعلم انكِ لن تدعي انهاكي يذهبُ هباءً منثوراً ..
وان والدتك أنشأت فتاة جميلة مثلك لتكون ثقتها بنفسها ، القوّة ، والأنوثة هي عنوانُها .
صحيح ؟____________________
قطعَ حبل أفكارها دخولُ إيثان بحذر وقال :
" ديالاا ، هيّا موعدُكِ للكشف على الجنين سيفوتنا " .تحسّست بطنها ومكان الجنين بابتسامة ذابلة وأومأت بهدوء وهي تُغلق الكتاب وتضعهُ في الخزانة مُقفلة عليه بإحكام .
--------------
--------------تمرّ الأيَّام يوماً بعدَ يوم ، ما بين خريفٍ وشتاء !
ما بين صمتِ خريفٍ وعصف شتاء ..
ما بين تساقُطِ أوراقً صفراء ممزوجة بالبرتقاليّ ، وبردٍ قارس يجعل انفاسنا بيضاء كثلوجهِ .تنفّسَت الصعداء ولعلّ هذه الانفاس الخارجة تحمل معها زخّات الألم المُنتشل في ظلمة غلساء أزليّة .. ولكن كَلَّا ، هو مصرٌّ على البقاء بجوفِها ما بقيَ العمر !
كانت مغمضة عينيها باضطراب ، مزاجها متقلّب ونفسيتُها مزرية حدّ النّخاع .. والألم لا ينفك عن زيارتها بين الحين والآخر مع غثيان وإرهاق !
كلّ هذا كان مُضاعفاً بسبب السّرطان !
بل الخبيث اللعين يليقُ بهِ أكثر .تشعرُ بدنوّ انتهاء حياتِها ، تشعر بانقباض مؤلم ، ودرجة حرارة مرتفعة ..
كلّ شيء كان مزري حدّ الهلاك .. حدّ الموت ..
صرخت صرخة عميقة تداخلت مع أنينها بصوت قطرات المطر ، فصدرت أُعزوفة غريبة على المسامع ، كَلَّا .. بل هي ستلدُ الآن !
احساسٌ قوي يروادها بهذا ..تغمض عينيها اكثر واكثر لتجاهل الالم الَّذي يأبى الرحيل ، لم تأبه لحالها قدر اهتمامها بطفلتها ، تُتمتم بكلمات لا تُسمع مادّة يدها للمنضدة محاولة إيجاد هاتفها .
وحين امسكت به اخيرا ، نقرت على رقمهِ بسرعة ورجفة ، جائها صوتهُ من الطّرف الاخر قلقاً :
" ديالا ؟ " .وبأنفاس متقطّعة ووجه اصفرّ تعباً :
" ايثان ، اريد الذّهاب للمستشفى .. الآن ! " .قال مرتعباً بوجل :
" قادم ! حذاري ان تتحرّكي من مكانكِ " .اومئت وهي تبتلع ريقها بغصّة ألم رغم انه لا يراها .
ودموعها المكبوتة منذ زمن قد ذرفت بغزارة وشدّة حين رأت الماء المُنفجر منها ._________________
أنت تقرأ
تناثـُر الأحمـَر
Romanceوأعرفُ أنّي أعيشُ بمنفَى وأنتِ بمَنفى و بينِي وبينَك ريحٌ وغيٌم وبرقٌ ورعد وثَلج ونَار وأعرفُ أنّ الوصُول لعينيكِ وَهم وأعرف أنّ الوصُول إليكِ انتحار ويسعِدني أن أمزق نفسِي لأجلكِ أيتها الغالية ولو خيروني لكررت حبكِ للمرة الثانية يا من غزلتُ قميصكِ...