(4)

4.2K 352 24
                                    



أليس كانت ترتجف كورقة تحت رحمة الرياح, قلبها كان يدق بجنون في صدرها, جسدها يعاني من انسحاب الادوية المخدرة منه, و الظلام كان يتركها بعدها في حيرة وتوهان اكبر. كانت أليس مستلقية على الفراش الرقيق في الغرفة المظلمة, بأنتظار الممرضة برعب, لا تعلم ماذا يخبئ لها الطبيب باريت, كانت ترتعب حين ينظر اليها كما لو كان ينظر لفأر اختبار.

بعد لحظات طويلة من الانتظار المشوب بالقلق، دخلت الممرضة تقترب منها ببطئ، ابتسمت لها بزيف, و كأنها تسخر من قلة حيلتها, لا تستطيع تحريك عظمة, عالقة جسديا و عقليا.

اقتربت الممرضة من أليس مع الادوية اللعينة التي تسلبها ذكرياتها لتترك مكانها الظلام.

"اشربي"  امرتها وهي تدفع الحبوب داخل فمها بقوة, لكن أليس حاولت المقاومة لكن بلا جدوى, حدقت أليس فيها بجمود, لم تستطع ان تمنع الممرضة من دفع الحبوب داخل فمها مرة اخرى. نظرت اليها الممرضة بتشفٍ, ملامحها قاسية تماما مثل الطبيب باريت.                                  ترقرقت عينا أليس بالدموع, حين غادرت الممرضة, اغلقت عينيها بأحكام, افتقدت سباستيان و عطفه, تتمنى عودته وتخشى ان تفقد الامل بعودته اليها, تذكرت لمسة سباستيان على خدها حين كان يمسح دموعها, تذكرت كيف كان يقضي الوقت ينصت اليها و يخفف عنها معاناتها هنا. الدموع انهمرت بقوة على وجنتاها رغما عنها، صوت الدكتور باريت الكريه سحبها من ذكرياتها، كان يتحدث مع الممرضة عنها قبل ان يدخل الحجرة، حدق فيها بأعين مترقبة، تجمد جسد أليس عندما اقترب وسحب كرسي وجلس قرب السرير.

"صباح الخير، كيف حالك اليوم؟" سألها سؤاله الخالي من اي ذرة اهتمام بحالها فعلا, كان يدرس ملامح وجهها عن قرب, أليس لم تجبه، فقط حدقت فيه بخوف، لحظات مرت لم يتكلم اي منا، تنهد وهو يضع قدم على الاخرى .
"قل ما جئت لقوله يا دكتور" قالت أليس بأستسلام، غير قادرة على تخيل ما يخبأه لها لكنها لم تحتمل الانتظار و اكتشاف خططه.

"هناك علاج جديد اود ان اختبره ، هل انتِ مستعدة؟"عيناه كانت تبرق بالحماس او الجنون لم تكن أليس متأكدة أيهما بالضبط.
"و هل لي اي خيار اخر؟" تهدل كتفا أليس الصغيرين بأستسلام, اذا كان هذا ما ينويه, يريد ان يختبر علاجه الجديد عليها, مثل فار التجارب تماما.
"جيد" قال وهو يهم بالنهوض "سأبدأ اليوم " تكلم بهمس مع الممرضة ثم غادرا بعجل.

بعدها بلحظات جاء ممرضان، ساعداها على النهوض قبل ان يجلساها على الكرسي ذو العجلات ثم دفعوها في الممر الرمادي, الاضواء خافتة فوق رأسها, جعلت الاجواء اكثر كأبة.

نظرت أليس حولها بخوف حين ادخلوها لغرفة خالية, ارضيتها بنية باهتة, مرايا عديدة حلت محل الجدران, عكست ضوء السقف الاصفر في كل مكان. انكمشت أليس على نفسها عندما رأت الشيء الذي يستقر وسط الغرفة. كرسي خشبي ذو مساند معدنية و الكثير من الاسلاك الكهربائية تتدلى منه. ارتجفت و جف حلقها, حيث انها ادركت ان هذا هو علاجها ،عينيها لا تفارق ما امامها, مثبتة على مصيرها، اخذت تفكر انها ستغادر هذه الحياة هكذا بدون معنى, من دون ان ترى عائلتها مرة اخرى و من دون ان ترى سباستيان .

سباستيان...

سباستيان...

الدكتور باريت اقترب منها وبريق الحماس يلتمع في عينيه، كانت بالنسبة له حقل تجارب، صلت داخلها لم ترغب بالتسليم بما يحدث، بالتأكيد هذا ليس مصيرها- فكرت بيأس- ، بالتأكيد ان الهي سوف يحميني فهو من اعطاني هذه الهبة ، سبب وجودي هنا..-
"هل انتِ مستعدة ؟" سألها بصوته الخالي من اي تعاطف, سؤال كان مجازياً، هو لن يهتم ان كانت مستعدة ام لا، مصيرها بين يديه، بين يديّ الوحش.

الممرضون رفعوها غير مبالين بمقاومتها, وضعوها في الكرسي الخشبي، بأعين خائفة بحثت عن من ينجدها بين الافراد او الوحوش الذين يراقبونها بملامح جامدة, اخذ قلبها بالخفقان بقوة داخل صدرها.

اغلقوا الاقفال المعدنية على رسغيها  بأحكام مؤلم، ربطوا الاحزمة الجلدية حول خصرها و ساقيها كذلك، لم تستطع التحرك قيد انملة, استلقت هناك بلا حول ولا قوة, محاصرة بدون اي مفر, تحت رحمتهم.

"لا تخافي انسة براندون، سيكون كل شيء بخير"حاول ان يطمئنها وابتسم نصف ابتسامة بعيدة كل البعد عن اللطف.
"ارجوك....."همست على قدر ما اتاحه لها صوتها المرتجف.
لكنه لم يهتم لتوسلاتها كالعادة وابتعد عنها، واتجه ناحية الجهاز, يعبث بالازرار العديدة.
اغلقت عينيها بأحكام، تمنت ان تموت او تختفي او اي شيء، ارادت ان تغرق في اللا شيء ولا تشعر بما سيحدث لها.

"لنبدأ" قال الدكتور باريت بنبرة ممزوجة بالحماس والقلق.
سباستيان....
رددت اسمه مرة اخرى اكثر من مرة في عقلها.

بعد لحظات من الصمت، ألم مريع اكتنف جسدها بأكمله،انقبض جسدها وانبسط عدة مرات في الثانية الواحدة من الصدمات الكهربائية، الم الف سكين ينغرس في جسمها, افكارها وذكرياتها تحطمت وتحولت لملايين القطع الصغيرة, لم تستطع التفكير، لم تستطع التنفس، لم تستطع فعل اي شيء, ليس هناك مهرب من هذه الورطة.

توقف الالم قليلاً، لكن قبل ان اخذ نفسها، سرعان ماعاد الالم مجددا، لكن قبل ان اصرخ الظلام اتى واخذها بين ذراعيه...
"انسة براندون! افتحي عينيك، أليس!"
فتحت عينيها لتجد الدكتور باريت يحدق فيها بذعر, سرعان ما تحول الى استرخاء عندما استعادت وعيها، كانت في الغرفة ذات الجدران البيضاء والستائر الوردية .

"كيف تشعرين؟" سأل الدكتور باريت وهو يجلس على حافة السرير
ابعدت ناظريها عنه، حدقت في النافذة، غير قادرة على اجابته، عقلي يسبح في افكار و دوائر فارغة. للمرة الاولى في حياتها شعرت بالجنون....

Visions (Alice Cullen) -edited-Where stories live. Discover now