05

562 75 21
                                    


مؤخرًا علمت بأن الصراخ والترجّي لا يفيد

وأن الندم أو حتى إنتهاز القوة بالظلم أضحى لا يقدر على كسر شوكة،

تزامنًا مع إدّعائي بالجنون والمرض، أنا إستطعت بأعجوبة كتم خوفي وإمساك قلقي الذي بدا في رجفة يداي.

أبعدت كل تلك الأفكار عن رأسي لأركّز في طريقي، لأرى مايحويه هذا المكان بالضبط، أروقه طويله بيضاء شاحبة، تمامًا مثل مرتي السابقه فيها، أصوات غريبه تعانق شتى تدرجات الصوت والصراخ.

لا أستطيع كبح خوفي، لا أستطيع مسح عرق جبيني

أنا لا أستطيع إخفاء خوفي أبدًا

وكأن هذا المكان خلق لغاية الخوف والخوف فقط

في نهاية الرواق كانت هناك غرفه خالفت أخواتها في اللون، كساؤها من حديد وفولاذ، وكعادة الامر كان خوفي يطغى على فضولي، ولسوء حظي وجدت أقدامي تُسحب لتلك الغرفه

الأمتار بيننا تقلّ،

أنفاسي تزداد وتثقل أكثر،

الباب أمام ناظري بدأ يكبر، لازلت في داخلي أدعو أن كل شيء يتوقف،

دمعي يتساقط وأنفاسي تنشلّ

الأمتار بيننا تنقص وخوفي يزيد،

والأنوار تُقفل فجأة!

-اللعنه، هذا مره أخرى؟
-متى سيصلحون دوائر الكهرباء المتهالكه هذه؟
-اللعنه ياصاح، اللعنه فقط

شكرت الله مرارًا وتكرارًا، شعور الامتنان الذي في صدري ابكاني فرحًا، صدقني لا شيء اجمل من وقوف الحظ في صفك ولو للحظه!

-أنتم! عودوا لمواقعكم، إنطفاء الكهرباء سيشعل فتيل الشغب في الاعلى، عودوا حالًا

لم استطع تمييز المتكلم إثر هذه الظلمه، تزامنًا مع إبتعاد الجنود هو إقترب، حتى لفحت أنفاسه وجهي هو هسهس في حيرة مرعبه

-اتساءل مافي هذا الرأس؟، ليضطر كورس آدم لحمايته؟

أطبقت فاهي ولم أجرؤ على السؤال عن معنى هذا الكلام، أمسك بأصفاد أستطعت تمييز صوتها ليكبل بها كفاي ويسحبني خلفه،

لقد مر الأمر مرور الكرام بالفعل.

-جايد؟ ما الأمر مع الكهرباء؟

توسعت عيناي عندما سمعت الأسم ينطق للمعني من خلف الهاتف، جايد المرعب ذاك!!

-تطفل بعض الأشخاص وحسب.

قالها بينما أشعر بنظراته تثقبني، أنا لا أتخيل أشعر بها فعلًا!

أطرقت رأسي لأمشي بأنصياع تام خلفه، هذا الشاب ليس للعبث حوله أبدًا.

-

حفظت هذه السقيفه عن ظهر قلب،

التشققات والثقوب، كل شيء،

الجدران والأرضيه، كل التفاصيل حفظتها،

ولكنني لازلت أعطي ظهري لنفسي، أعطي ظهري لي أنا.

ريدن، هكذا بلا شيء إضافي، لا أعرفني! بينما هذه الجدران تكاد تتلو سيرتي،وأكاد أنا أن أعرف كل شيء يجري هُنا، وسأفعل.

-شيء ما يزعجك؟

إلتفت لأندرو البشوش كالعادة،  ممتن لكونه هنا على الرغم من السوداويّة المحيطة.

-الكثير... ربما؟

ربّت على جانبه مشيرًا إلي بالجلوس، تقدمت لأمتثل بكلامه، تنهدت تنهيدة عميقه جدًا، سألني عن نومي مؤخرًا نظرًا للهالات التي أحاطت بعيناي، مهما كان سؤاله أنا أجدني أجيبه بكل صدق ووضوح، كأنني أجيب على نفسي.

عاود يربت على حضنِه لأسند رأسي على فخذه، هو أخبرني بأنه سيكون بجانبي، وبأنني مهما خضت من معارك سينتظرني فاتحًا ذراعيه لي، لكنني سألت نفسي، لما لا يشاركني الحرب بدل من انتظاري وحسب؟

غفوت على تهويدته المعتاده، عن موت الطيور مرّة في سبيلها ومره في اعشاشها، عن عيش الحيوات فوق مياه تقبل اليابسة ورمالها، عن موت النجوم في عز ضوّها إثر طمع الشمس بسناها، عن الحيوات التي تناضل بينما الانسان يقتل نفسه، ويشنق نفسه.

غفوت،

نعم، غفوت،

وسقطت عن العالم سهوًا..

-

نهضت على ترانيم أندرو المخيفه، تلك التي سمعتها أثناء وجودي في القبو السفلي للمصحّه، دفعت بجذعي فَزعًا، تلفت يمينًا ويسارًا، لأجدني في مكان آخر، لا وجود لأندرو فيه، بينما شعوري به لا زال باقٍ.

غرفه صغيره جدًا، لا يوجد بها سوى سرير فردي وحسب، إكتساها البياض، البياض المشؤوم الذي يعانق كل مصيبه وكل فاجعة تحل عليّ.

باب مثقوب، إحتضن ثقبه قضبان حديديّة،

أدركت أخيرًا أن وقت إنقلاب الطاولة قد حان.

قد حان أخيرًا.







سَقَطَ سَهْوًاWhere stories live. Discover now