06

627 85 47
                                    


لقد مرّت أيام، ولربما أسابيع، بينما أنا هنا قابع في مكان أجهله ويرفضني، لازلت أتجذر الأرض من تحتي وأتنفس أنفاسي التي عانقت المكان منذ قدومي المشؤوم إلى هنا.

بدأت أفقدني، هشاشتي أعتلتني واليأس أخذ مني ما أخذ، أنا هنا عالق في مصيده تتوسط حفرة من فراغ، أغلق عيناي وأجدني أحارب وحدي في الظلام، وسقوطي هو جلّ ما أجده يحصل هنا، لا أريد أن أفقد نفسي رغم جهلي بها! لازالت روحي تتلهّف للحياه من تحت طيات بأسها، وأنا تالله أني أحاول ،ولكن ما بيد شخص عاجز مثلي؟.

وعلى ماذا أستند وعلى أيّ أرض أقاتل؟ عتمت عن الصمود أمام المدفع وهو أمام صدري العاري، بلا درع ولا كساء يحتويني، بلا سلاح وعزيمة القتال، بلا شيء يعتليني وأحويه أو يحتويني، مجرّدٌ منّي.

أطرقت مُقلتاي دمعًا خانقًا إعتاد الخروج، إعتاد أن يكسي وجهي ملامح تتلو النهاية وترنّم ترانيم السقوط، ترانيم الخسارة المحتمه، مسحته بأطراف ثوبي البالي أكاد أن أخلف على وجهي بنانٍ غير الذي أخترق صدري وفؤادي.

تكوّرت على ذاتي جالسًا جلوس القرفصاء أكاد أحتوي جسدي الهزيل وأدفعه لداخل صدري المهشّم، أجهش باكيًا، أصرخ راجيًا بالخلاص، أقطع ثوبي كما قطعت أوصال صبري وآمالي تحت خيوط لا أعرف مبدأها ومنتهاها، ألفّها حول عنقي وأشد أطرافها، أنفاسي تسقط، وعيناي تغفو إسودادًا رغم إتساعها.

أعلم ماينتظرني من جحيم وماخلفه من لا نعيم، لذا وبربهما الاثنين، أنا لا أملك الحياه الكافيه لأتخطى كل هذا الموت، لا أملك الروح لهذا العذاب.

أصوات الإنذار صرخت ودوت في أصداء الفراغ البائس هنا، ليفتح الباب على مصرعه،  وتغلق عيناي على ذكراي مسدلةً عليها النهاية.

-

طرفت عيناي مرّتان لأفارق فيما بين جفونها الهالكه، لأجدني في غرفة تمريض لعينة، وحينها فقط أطرق عقلي بفكرة واحده ترددت حتى نهاية أفكاري الحاده،

حتّى في فشلي فشلت.

-هل أنت أحمق!

صدح الصوت الغاضب في أذني بعد الفوضى التي دوت في الغرفه من إغلاق باب كاد ان يكسر، وسقوط عربية الأدويه وتحطمها،

إلتفت بوجه صامت، وملامح صمّاء تحاول أن لا تسقط لأشلاء، أوزن أنفاسي بصعوبه بالغه، لأجد وجه كيورس أمامي، غاضب، مؤنب، معاتب، وهذا فقط، جعل عيناي تنهار دمعًا فور رؤيته.

وضعت كفّاي على عيناي وأنتحبت مره أخرى لأخرس بنحيبي عتاب كيورس، بكيت كثيرًا، وكأن لا وجود للغد، شعرت بيد كيورس تربّت على رأسي من الخلف، ودفعني هذا للبكاء أكثر، مما جعله يسحب رأسي واضعًا إياه ضد صدره سامحًا لي بالإكمال هناك، ولأول مره شعرت بعيناي تصرخ، في حين أن صدري هناك لا يكاد ينبض. لا يكاد ينبض.

سَقَطَ سَهْوًاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن