من كتاب كيف ربيت إبنتي

20 1 0
                                    

لما جاوزت بنتي الأولى التاسعة ومشت في طريق العاشرة، فكرتُ وطلبت العون من الله،
فقلت لأمها: اذهبي فاشتري لها خمارا (إشارب) غالياً نفيساً، وكان الخمار العادي يباع بليرتين اثنتين،
قالت: إنها صغيرة، تسخر منها رفيقاتها إن غطّت شعرها، ويهزأنْ منها،
قلت: لقد قَدّرتُ هذا وفكرت فيه، فاشتري لها أغلى خمار تجدينه في السوق مهما بلغ ثمنه.
فكلمتني بالهاتف من السوق
وقالت: لقد وجدت خمارا نفيساً جداً من الحرير الخالص ولكن ثمنه أربعون ليرة.
وكان هذا المبلغ يعدل-يومئذ- أكثر من ثُلث راتبي في الشهر كله،
فقلت لها: اشتريه، فتَعَجّبتْ وحاولتْ أن تثنيني عن شرائه، فأصررتُ،
فلما جاءت به ولبسته البنت وذهبت به إلى المدرسة كان إعجاب التلميذات به أكثر من عجبهن منها بإرتدائه،
وجعلن يثنين عليه،
وقد حسدها أكثرهن على إمتلاكه،
فاقترن إتخاذُها الحجابَ وهي صغيرة بهذا الإعجاب وهذا الذي رأته من الرفيقات،
وذهب بعضهن في اليوم التالي فاشترين ما يقدرن عليه من أمثاله،
وإن لم تشترِ واحدة منهن خماراً في مثل نفاسته وارتفاع سعره.
بدأتْ إتخاذ الحجاب فخورة به، مُحبة له، لم تُكرَه عليه، ولم تلبسه جبراً،
وإن هذا الخمار بقي على بهائه وعلى جِدته حتى لبسه بعدها بعض أخواتها وهو لايزال جديدا،
فنشأن جميعا بحمد الله مُتمسكات بالحجاب تمَسُّك إقتناع به وحرص عليه.
[الشيخ الأديب على الطنطاوي رحمه الله/ كيف ربّيتُ بناتي/ كتاب فصول إجتماعية]
#قرأت_لك #مما_قرأت_واعجبني

لا تحكم بالغيبWhere stories live. Discover now