-9-

71.5K 3.5K 291
                                    

"إلى أين سنذهب؟"سألت إريكا كوك الذي يقود السيارة بجانبها
"مكان أحبه"أجابها كوك بهدوء
بعد مدة وجيزة وصلا إلى المكان المقصود "الشاطئ إذن....ما أحتاجه بالضبط"تحدثت الأخرى بنبرة خافتة، هي أحبت بالفعل كون جونغكوك أخذها إلى المكان المفضل لديها، ربما ترتاح روحها قليلا بعدما تفشي دواخلها للأمواج، نزعت حزام الأمان وهمت بالنزول ثم تبعها الغرابي بصمت، وقف يراقبها من بعيد، لم يرد أن يكون حاجزا بينها و بين نفسها التي جاءت هنا من أجل علاجها، لمحها تنزع حذاءها لتلامس حبات الرمل قدميها ثم رفعت بنطالها إلى الأعلى قليلا لتغمر مياه البحر قدميها بينما تتراقص خصلات شعرها مع نسمات الريح الخفيفة و الباردة، وجد نفسه يتمنى الصراخ عاليا بدوره و الهمس بكل خفاياه لذلك البحر الواسع لعل دموعه تختلط مع المياه المالحة و يرحل الألم بعيدا، أما صاحبة الخصلات البنية فقد كانت غارقة بالفعل في أعماق تفكيرها تبحث عن الباب المؤدي لسلام قلبها، تراجعت عن المياه و اتخذت موضعا لها على الرمال، تذكرت توا أن كوك أتى برفقتها فاستدارت مشيرة له بأن ينضم إليها في جلستها و ما كان من الآخر إلا القبول،
جالسان بجانب بعضهما، لكن كل واحد شارد في عالمه الخاص، يتأمل السماء تارة و الأمواج التي تضرب اليابسة تارة أخرى"شكرا لك لإحضاري  إلى هنا" همست بينما عينيها لم تفارق البحر،التفت إليها الغرابي بعدما أفاق من شروده على صوتها"توقعت أنك تحتاجين إليه" أجابها ببرود
"ليس أقل منك" أجابت بعدما التفتت إليه بدورها فالتقت بندقيتاها مع سوداويتيه الغامقتين، عقد ما بين حاجبيه مجيبا:"لم أفهم مقصدك!"
"ذلك الألم المخفي في عينيك،أستطيع رؤيته بوضوع كلما نظرت فيهما"أجابت بابتسامة
"ليس أوضح من خاصتك الآن، بالمناسبة كانت كذبة فاشلة" رد عليها بسخرية
"أعلم، ربما لأننا تعايشنا معه،بات جزءا لا يتجزأ منا، ربما بإمكاننا كشف الآخرين لكن على الأقل نستطيع إخفاءه أحيانا عمن يهتمون لأمرنا ويحبوننا بحق،ربما يخف قليلا عندما نبوح به لهاته الأمواج" تحدثت بينما تأملت البحر من جديد
"كلانا يعلم أن البوح به للأمواج أو غيرها لا يجدي نفعا" تكلم كوك ببرود و قد لمحت في صوته نبرة انكسار ربما
" بإمكانك البوح به لي، لعله يمضي عندما تشاركه مع أحد، شخص ذاق من نفس الكأس" أجابته بعدما تناست حزنها مركزة على كلمات الآخر، هل هو يعاني نفس آلامها أم أضعافا؟ لعلها تستطيع المساعدة
قهقه كوك بسخرية،"استنجد غارق بغارق" ثم ساد الصمت لبرهة لتقطعه الأخرى قائلة:" لا بأس إن لم تكن مستعدا" ساد الصمت مجددا لتطلق تنهيدة عميقة ثم أردفت:" أنا تعايشت معه ثمانية عشر عاما، ربما حان الوقت لأن أتحدث، إن لم ترغب بسماعي بإمكانك الانسحاب و تركي مع هذه النسمات الباردة لعلها تأخذ ألمي بعيدا معها"
تأملها الآخر مجددا، لم يتزحزح من مكانه مما يدل على رغبته في سماعها، هي الآن ستتخذ خطوة جريئة لم بفكر كوك حتى باتخاذها، هل ستكون قوية كغاية لتواجه ذلك الجرح وجها لوجه، أم أنها ستنهار في نصف الطريق
"كان عيد ميلادي السابع" بدأت الأخرى بالحديث جاذبة معها انتباه جونغكوك و كل حواسه، هي بالفعل ستتخذ تلك الخطوة الآن و برفقته، حتى أنها نفسها لا تجد تفسيرا لاختيارها كوك دون غيره، فقط لبت تلك الرغبات المجهولة المصدر بإخباره كل شيء، رغم كونه أول من سيحظى بهذا الشرف، هي ليست نادمة، بالعكس مطمئنة و تريد الإكمال،وهذا ما فعلته تماما" ربما لو لم أصر على الذهاب للملاهي في ذلك اليوم لما حدث كل ذلك، لكنا الآن أسرة سعيدة، حاولت التخلص منه كثيرا لكنني مازلت مقتنعة أنني السبب، كنا نمرح ونغني و نصفق ثم فجأة وجدت نفسي أستيقظ على أبشع كابوس في حياتي، في البداية لم أفكر إلا بألم رأسي و الدماء المنهمرة من الجرح هناك، لكن حينما وقعت عيناي على أختي روما الفاقدة الوعي بجانبي، بدأ الخوف يتسلل إلى قلبي كانت تحمل بدورها جرحا على رأسها يشبه خاصتي، ظننت أنها بخير بما أنني بخير كذلك، نقلت عيناي مجددا إلى المقعدين الأماميين حيث والدينا،آنذاك يمكن القول أن الدماء تجمدت في عروقي و قلبي سقط إلى معدتي ينبض هناك بعنف، كل ما أذكره أن زجاجة كبيرة اخترقت بطن والدي بينما أمي اختفت ملامحها تحت نزيفها، ناديت عليهما صرخت بكل ما أملك من قوة لكن لا رد، حسبتها لعبة سخيفة، أجهشت بالبكاء لعلهم يكفون عن اللعب عند رؤية دموعي كالعادة ثم أدركت أنها ليست إلا لعبة تدعى لعبة الحياة، لم أشعر بنفسي إلا وأنا أنتشل من داخل السيارة، ثم صوت انفجار بعد مدة، أدركت فيما بعد أنه كان صوت انفجار سيارتنا...لم تكن النهاية بل بداية ألم حارق يمزق شراييني يوما بعد يوم، صارعت رغباتي في الموت في ذلك السن، فقدت قدرتي على الكلام و دخلت في اكتئاب حاد، تمنيت لو فقدت ذاكرتي بدل صوتي، ثم بدأ كل شيء يتحسن بعد عودة أختي من الغيبوبة، كنت مستعدة تماما لفراقها هي الأخرى فحدث العكس، منذ ذلك الوقت و أنا أتحسن إلى الأفضل بفضلها وبفضل جدي الذي اعتنى بنا إلى أن ودع الحياة قبل ست سنوات من الآن، استطعت استئناف دراستي بعد سنة من الحادث، عزمت على الدراسة بجد لأصبح طبيبة لعلي أعالج جراح الغير، لعلي أتقبل فكرة الموت والحياة، تعلمت الكثير لكن رغم ذلك لا زلت ألوم نفسي و أحتفظ بذلك الشعور المقزز داخلي،أرجوك أيتها الأمواج خذيه بعيدا و ارمي به في أعماق البحار المظلمة فأنا لم أعد أتحمل كونه يضعفني و ينهشني يوما بعد يوم"

Jungkook|| العنيدة والمغرورحيث تعيش القصص. اكتشف الآن