~الفصـــــــــــل الثالث~

106 7 2
                                    

الفصـــــــــــل الثالــث

كان الظلام الدامس يُحيط بهذه الصحراء القاحلة التي لا تسمع فيها الأذان صوتًا، وقف عدد ليس قليلًا من الرجال ومن حولهم بعض من الثيران البشرية، تبادلوا الهمسات الخافضة والبضائع المكتظ بها الصناديق الخشبية ، ثم تحركوا جميعًا بسرعة نحو سيارتهم لحمل هذه البضائع التي بدت وكأنها مشبوهة، ولم لا؟، فقد تم الأمر في سرية تامة وبعيدًا عن أعين أجهزة الشرطة المترصدة، ثم تحركت السيارات بسرعة مخيفة أحدثت معها هالات رمادية من الغبار المتطاير لينتهي مخططهم هنا!

قاد "عيسي" سيارته بسرعة بالغة بعد أتمام عملية نقل البضائع المشبوهة "المخدرات" وأستلام المبلغ المتفق عليه، ويدُه في رحلة محفوظة صعودًا وهبوطًًا نحو فمه الذي يستقبل لفافة التبغ بين شفتيه بشكل آلي، ينفث دخانها بشراسة وهو يفكر كيف وصل بيه الحال أن يكون خادم عمه وأبنه المدلل، يتحامل علي نفسه نقل البضائع المشبوهة ونقلها إلي المخازن ويعطي لعمه المال، أفاق من شروده علي صوت رنين هاتفه، ألقي نظر علي شاشته التي أضاءت باسم "حمزة" ضغط زر الرفض وألقاه بالهاتف المحمول بجواره في غضب، ثم أمسك بلفافة التبغ ووضعها بالمنفضة الجرانيتية بالسيارة حتى أعلن هاتفه عن الاتصال مرة أخري، زفر في ضيق واضطر للإجابة قائلًا بنبرة مرتفعة تحمل غضب جلي:

-في إيه رن رن عايز إيه.

أغتاظ "حمزة" من أسلوبه الفظ، لكنه لم يظهر ذلك في نبرة صوته:

-عشان أعرف خلصت العملية ولا لاء وده أوامر من بابا!

أجابه "عيسي" متأففا بحنق:

-طبعًا أنا بعمل كل حاجة، وأنت وأبوك تأخدوه الفلوس علي الجاهز!

لم يكترث "حمزة" بحديثه وأجابه ببرود كي يثير أعصابه:

-ده شغلك من زمان ولازم تعمله أحسن ما تخرج بره الحسبة كلها!

أستمع "عيسي" رنين استقبال مكالمة أخري أبعد الهاتف عن أذنه حتى وجدها " نوال" وجدها فرصة أن يغلق الهاتف في وجه "حمزة"، ضغط زر الإجابة بعد ضغطه زر الإغلاق علي مكالمة "حمزة"، تنهد في راحة وهو يهتف قائلًا:

-دايما بيتجي في وقتك يا نوال هانم!

-أنت فين من الصبح برن عليك؟

قالتها في ضيق شديد، فأجابها بعدم اهتمام:

-كنت بخلص العميلة الجديدة !

مررت أصابع يديها بين خصلات شعرها ذات اللون الأصفر وهي تقول:

-طب تعالا علي شقة المعادي!

-تمام سلام!

...............................

توجه "حمزة" نحو غرفة والده بخطوات ثابتة، فتح باب الغرفة فوجد "أصال" تجلس بجانبه علي طرف الفراش، وتمسح علي رأسه وتقبل رأسه بحنو، نظر "حمزة" إليها في حزم قائلا:

-ممكن تسبينا لوحدنا شوية يا أصال!

ألتفتت تنظر إليه في ضيق وقالت وهي تذكره عن حديث الطبيب:

-الدكتور قال نبعده عن إي ضغوط بسبب الشغل!

تدخل "جلال" بينهما حينما فهم غرض أبنه بالانفراد بيه، فقال بنبرة هادئة تبث الاطمئنان إلي قلبها:

-متقلقيش أنا كويس سبيني معاه!

نهض "أصال" من مجلسها وغادرت الغرفة وتوجهت نحو غرفتها، تأكد أخاها من رحيلها أغلق باب الغرفة ثم أقترب من والده وهو يقول بسرور:

-العملية نجحت يا بابا!

تنفس "جلال" الصاعد باطمئنان، ثم هتف بلهجة آمرة:

-طب كويس، أتصل بعصمت وعرفه
................

-ناوي علي إيه؟

وجهت "نوال" هذا السؤال إلى "عيسي" وهما يجلسان في شرفة منزلها الخاص بعد أن روت له الجزء الأكبر مما حدث بينها وبين "جلال" في المشفي، نظر إليها نظرة مطولة ثم أجابها ببرود:

-هناخد منه كل حاجة!

أشعلت "نوال" سيجارة رفيعة بين شفتيها ونفثت دخانها وهي تضع إحدى ساقيها فوق الأخري وهي تبتسم بتهكم ثم قالت:

-وهناخد كل حاجة أزاي؟

أجابها "عيسي" متهكما:

-بنته اللي هتجيبها كلها تحت رجلي!

ارتسم علي ثغرها ابتسامة خبيثة بعدما علمت مخططه الدنيء للسلطة علي ممتلكات عمه.

تتبع >>>>

#رانا_محمد

#روايات_يقلم_رانا_محمد

#إمرأة_من_رحم_الألم

إمرأة من رحم الألمWhere stories live. Discover now