سر الأزرق

359 30 28
                                    

- إنتظر!
ناديتِ جاذبة إنتباهي مجددا و قاطعة أفكاري كعادتك التي لاحظت أنك تحبين ممارستها على أفكاري.

تقدمتِ راكضة نحوي و قد كنت ابتعدت عنك بمسافة قليلة و لم أستدر حتى لا أضعف مرة أخرى فأضيع في نفسي و أفكاري، أنت تجعلين روحي و حبيسة هذا الجسد مغتربة فيه!

قلتِ و قد نعُم صوتك في محاولة لجعل قلبي يرق له: جرب أنا أرجوك، حاول فعل هذا اليوم و غدا، أمهلني ليلتين من عمرك فقط و إن لم يعجبك الأمر فلا تكمل!

أطرقت رأسي، أستمع لصوت تنفسك الثقيل إثر ركضك، كم أغبطك! تطرحين أنفاسا مثقلة إثر مجهود جسدي لكني أفعل هذا دونما سبب، أتنفس كأني أقتلع أنفاسي من بين فكي نمر فلا تخرج سوى مجروحة و تبقى بعضها حبيسة فكه فتؤلمني حد الإختناق.

حاولت المضي قدما علك تيأسين مني لكنك سبقتني و بحركة سريعة كنتِ أمامي، فما كان بيدي أنا المتفاجئ من تصرفاتك سوى أن أنظر نحوك مرة أخرى ثم أشعر بي أغرق مرة أخرى دون أن ينجدني أحد.

***

إستفقت من شرودي على صوت منبهي و هو يطالبني بالنهوض، فاستويت جالسا بتململ أنفض أثر الكرى من على عيني، و رأيت أشعة الشمس تتسلل بسهولة من خلف ستائري البيضاء فتذكرتك! الشمس من بعدك تقبلني كل يوم فأين أنتِ من كل هذا؟

هربا من ذكراك سرت صوب الستائر و قبضت عليها مزيحا إياها فانبعث النسيم العليل الذي لطالما وصفتِه بأنه ريح الجنة مداعبا خصلاتي التي طالت من بعدك و لم أقصها من أجلك.

لماذا كل ما فِيَّ و ما حولي يذكرني بك؟ الأمر متعب لأنه يخنقني دون منحي فرصة للتنفس. فها أنا ذا أراك في كل شيء، في الستائر و حكايتك يا أميرة.
في النسيم و كيف أنه لص يسرق رائحة الأشجار و البحر، و يهرب بها قبل أن تمسكه الريح فتلقي به بعيدا و أستقبله أنا.
في شعري الذي قلتِ لي ذات يوم أن لا أقصه لأنه يجعلني أبدو كالسينيور الذي حتما ستقع له كل سينيوريتا في تورينتي!

أغمضت عيناي نافضا سلاسل أفكاري التي تقيدني بذكراك و سرت عبر الباب نحو الشرفة فبدت الأمور على عادتها هادئة سوى من بعض الذين يطاردهم الوقت فيلاحقونه، لا يوجد كثير ممن يستيقظون في الصباح الباكر و أنا حتما لم أكن منهم، لكن ما الذي قد بقي على حاله من بعدك؟

مددت يدي للسماء و أستقبلتها بأعين مغمضة لكي لا أرى أزرقها فأراك، و تنفست أحاول قدر الإمكان أن أنساك و أركز فقط على الهواء الذي لا يزال يجوب رئتي الضيقتين فيحرقهما، و على حين غفلة فتحت عيناي فبكيتا.

السماء الزرقاء فوقي تحيطني من كل جانب و ذراعاي الممدودتان نحوها تريدان أن تتحولا لجناحين فتطير روحي حيث السماء، حيث تتجول كل الأرواح بحرية و تتنفس ملء رئتيها.

ذات سَحَر Nơi câu chuyện tồn tại. Hãy khám phá bây giờ