أحب نفسك أولا

191 16 57
                                    

وحدنا من كنا نوتر هدوء الليلة، كنا نقطة الضوء الوحيدة في هذه العتمة التي تحيطنا. تغافلنا عن الكل حتى عن القمر، ذاك الذي راح يسترق النظر إلينا خلف أوراق الأشجار العالية. و كأنه يحسدني فيك لأني وجدتك شمسي بينما خاصته لا تزال في جفاها و هو على عهده لا يزال ينتظر الفرج.

يخيل لي أن السحر هو الخسوف خاصتنا، أجرامنا تعانقت في ذات سحر و جمعت و إياك رغم إستحالة لقيانا. و إن كان لي شيء من الحظ فقد استنزفته حين تعثرت بك في ظلمة تلك الليلة؛ و لا، لست متحسرا بل ممنون لأني سأبذل كل فرصة تمنحنيها الحياة حتى أعيد لقياك، أنتِ هديتي من السماء.

أقتص أثر ريحك المعبق بالياسمين، أتتبعه بحواسي كلها و كأنه الخارطة إلى روحي التي أضعتها، الخارطة إليك!
و يقودني حيث أنتِ، حيث ذراعيك تحيط بخاصرتي و رأسك يستند على كتفي. و استكنا في حضرة بعضنا كما تستكين أمواج البحر في أيامها السعيدة حين تشرق الشمس.

تسير يدي دون تردد لتلتقط كفك، أخلل أصابعنا و لا تزال رعشة البدايات تهز بدني كلما شابكتها، كل لحظة لنا معا هي بداية جديدة، أحاسيس لم أعهدها و اُلف يغرق بدني كالمرة الأولى التي تلامسنا فيها.
يدك تعانق خاصتي و أتخيل أن قلبينا من يتعانقان.

"لقد اشتقت للتجول معا دونما هدف"
قلتِ تكسرين الصمت فهمهمت موافقا قبل أن أجيبك:
"رغم ذلك لا أزال أفضل جمعتنا في السحر، لأنه وقتنا نحن دون غيرنا"

ضحكتِ لتزهر حدائق قلبي ثم يعود صوتك ليسرقني من نفسي: "حدثني إذن، كيف تقضي صباحاتك من دوني؟"

"و هل تشرق الشمس في غيابك؟" ضحكتِ مرة أخرى قبل أن تجيبي: "أعتذر إذ جعلت الليل عليك سرمدا"

"لا بأس ما دمت ستشرقين في ليالي، أتدركين أنك الشمس الوحيدة التي تعتدي على حرمة الليل؟"

"ما ذنبي إن كان قمري يحبذ ليله؟"

نظرت نحوك بإبتسامة لأعلق بنبرة لعوب: "أقمرك أنا؟"

"بل أنت كل أجرامي"

ضحكت لأحتضن جسدك و يعود دفء مشاعرك ليسكن جسدي الخاوي سوى من حبك.

"ما الذي تفعلينه أنت إسميرالدا؟" سألتك لتجيبي:
"أحاول أن أملأ وقتي حتى ألقاك لكنك تستحوذ على فكري، و المزعج أن أساتذتي يقرؤونني ككتاب مفتوح فذكرني، لماذا اخترت دراسة علم النفس مجددا؟"

ضحكت حتى بانت نواجدي لتذمرك اللطيف، ألا يغادرك طيفي كما حالتي إسميرالدا؟ أتحن روحك لخاصتي في غيابي؟

"ماذا عنك؟" سألتِ و قد رفعتِ رأسك تنظرين إلي.

"لا شيء يذكر" عقبت.

"ألا تشتاقني؟" وسعتِ عيناك في تذمر واضح لتتسع إبتسامتي و أنا أجيبك: " و هل أقدر على ألا أفعل؟ كيف لا يشتاق المرء روحه؟ أنت إن غادرتني تغادرني الحياة يا كل حياتي، دونك أنا جسد أجوف"

ذات سَحَر Where stories live. Discover now