ريح الجنة

92 16 23
                                    

-إسميرالدا.
وقفت في غفلة مني أستقبل طيفك الذي لاح في الأفق، و أشرقت الكواكب في عيني حين بلغتني.

إبتسمتِ تتفاخرين بكنز لؤلؤك المدفون في بئرك الرشوف، و تجعدت أطراف عينيك في شقاوة: مساؤك سعيد سينيور جون!

بادلتك الإبتسامة بأخرى كانت قد ولدت بحضورك: و خاصتك كذلك.

-إذن؟
إستفتحتِ الكلام تتحرين أين سيقودنا صمتي: ما الذي قد يجذب إنتباهك هذه المرة في عالمي جونغكوك؟

ضحكت و أنا أجيبك: ذاك الشيء الذي يجهله الكل عن الصباح لكنه من أجمل أماراته، حدثيني عن شيء لم يلفت إنتباهي في النهار.

همهمتِ تبدين إعجابك بالوضع قبل أن تجيبي و نبرة لعوب تغادر ثغرك: أتضع الكرة في ملعبي جون؟

- ألم تكن كذلك من قبل؟

ضحكتِ كما أحب، تساقطت نغماتك ضحكتك على أرض قلبي الجافة فاقتص منها بعض السعادة حتى تسقيه، و نمى فيه منها القليل الذي ترجم على شكل إبتسامة.

- أتدري ما نجهله عن الصباح يا جونغكوك؟

صمتت حاثا إياك على إكمال حديثك، فقلتِ: نحن نجهل تذوق مكوناته، النهار كوجبة تتداخل مكوناتها بتناغم شديد يصنع طعمها اللذيذ، و لكل مكون من هذا الطبق طعمه الخاص. و إختلاف المكونات يعني إختلاف الشذى و شذى النهار نسميه.

- هو النسيم إذن؟
هززتِ رأسك موافقة.

أكملتِ: للصباح يا جونغكوك نكهات تختلف بإختلاف ساعاته و تدرجات أزرقه، ميل الشمس و لونها يحدد طعم الساعات فما إشراقتها كمغيبها و ما لون الذهب الذي ترتديه و أول أنفاس الصبح كالنحاس الذي تنزعه عنها حين المغيب.

للصاباحات طعم مختلف، ريح و عطر مختلف، نسيم يطرق بابك فترحب به حينا و توسع له أبواب صدرك مستقبلا إياه و حينا تطرده من عتبة أنفك لأنه كصباحك ذاك كريه.

و لأن النسيم أول ما يقبِّلك حين تلج عالم النهار فهو دليلك في رحلتك هذه، سيقود طريقك و يحملك بعطره نحو كل ما هو جميل.

هو كاللص الذي يبيح سرقته، يطأ السماء فيسرق من الغيوم بعض دمعها و يحمله على ظهره كندى، يعبر على الأشجار فيبادل قطرات الندى برائحتها و يغسل بمياهه وجه الثمار النعسة التي تتدلى بتكاسل من بين أغصان الشجر، و إن مر بالورد فتلك حكاية أخرى!

قهقهت لختام حديثك قبل أن أسألك: النسيم إذن يحمل طعم كل ما يمر به و رائحته؟

قلتِ: و هو كذلك!

- و ماذا إن مر على حقول الورد؟

ضحكتِ قائلة: كرجل يمر بالأنثى الأكثر جمالا فهو سيحاول سرقة أكبر قدر ممكن من اللحظات معها حتى يتذكرها، و النسيم لا ينسى عطر الورد لأنه و بغريزته الرجولية ينجذب نحو أنوثتها الطاغية و يذوب في إنحناءات بتلاتها المتباينة، يسرق منها صفاء أبيضها و خجل أحمرها و من ذهب الأصفر منها.
بإمكانك إعتباره زير ورود فهو لا يكتفي بواحدة!

ذات سَحَر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن