شمس و قمر

134 12 48
                                    

يشدني إليك طرب عظيم و أحن إليك كما يحن القمر للشمس فمن دونك أنا مثله، حجر بارد و مظلم و لا يشع إلا بنورك.

إسميرالدا، كنت قبلك ليلا موحشا غطت سماه الغيوم و بحضرتك تعلمت أن أحب ساعات الشروق، لأني كنت أجلس لك قبلها فأرى في عينيك كيف يولد النور و كيف تنفلق بذرة الصبح في وسط الظلام فتكبر حتى تصير شمسا تتوسط صفحة الأزرق الهادئ و تزيل حزن السحر.

و في غيابك أدركت معنى المغيب، و أن الشمس ما تزداد جمالا وقت إختفائها إلا لتحرق قلبك شوقا لرؤياها مجددا بعد إذ تأسرك بعبورها و كذلك فعلت بي، و من بعدك زاد هذا الليل وحشة و أظلم القمر الذي أشع في وجودك مجددا و تحجر هذا الجرم المنتوء.

الآن و قد صادفتك، أؤمن بالأسطورة التي أخبرتك عنها ذلك اليوم فأنا القمر، و أنت الشمس، و ما الخسوف إلا لحظات رأفة بنا حتى نستريح من مطاردة بعضنا و نتعانق، أحيانا أدركك و أحيانا تدركينني، لكننا سرعان ما نفترق و يعود القمر لمطاردة شمسه.

***

و على هدوئك الدائم كنت تشعين كالشمس في وسط هذا الظلام، و على ضياعي الدائم سرت إليك. لم أدرك آنها أنك كنت الشمس التي أستدل بها للخروج من هذا الضياع قبل أن أضيعك، و جلست إليك.

- كيف كان نهارك جونغكوك؟
سألتني و قد علت الإبتسامة ثغرك، لست أدري كم من الوقت مضى منذ أول لقاء لنا لكنك لا زلت على عهدتك تتوشحسن الإبتسامة، أم أني الوحيد الذي يفضل العبوس؟

نظرت إليك و ما عدت أخشى التحديق بك، فمنذ اليوم الذي رأيت في عينيك نور النجوم ضممتهما لليل و لكل ما يتسحق النظر إليه، و أرى في عينيك مياه واد من النجوم فأستغرب، أنى لك أن تجمعي بين النهار و الليل؟

يطول الصمت بيننا فتكسرينه ضاحكة: إلهي! و كأنني سألت فتاة في سن اليأس عن عمرها أو فتاة عن وزنها.

أنظر إليك مجددا قبل أن أشيح وجهي و يتمدد ثغري بإستهزاء: بل سألتِ طائر الليل عن النهار.

- تطبق أحاديثنا على واقعك؟ هذا شيء جميل!

إسميرالدا، أين أجدك الآن لأخبرك أني من بعدك أرى العالم كما كنا نناقشه. أراه و كأننا أعدنا صناعته من جديد حيث علمتني لغة النهار و علمتك لغة الليل و صنعنا الإعجاز حيث جمعنا الشمس و القمر.

- ماذا عنكِ؟
سألتك أدفع الخجل و الإرتباك عني فضحكت مطمئنة إياي ثم قلت:
-لا تخف جون، من بعد حديثك ما صارت النجوم أجراما في قاموسي بل معتقدات، و لأني تلميذتك فأنا أؤمن بمعتقداتك كلها لأنك أدرى بالليل مني.

أحسست بالحرارة تسري في وجهي و لا أدري من أين مصدرها، أم أنني تجاهلت حقيقة تورد خداي بعد حديثك؟ أنت الوحيدة التي تستمع لحكايا روحي المكتنزة في عمق الصمت. و لأني شعرت بالأدرينالين يقذف في عروقي بعد إذ وجدت من يستمع الي قلت:
إذن، ألا تودين أن تعرفي رأي معلمك حول الشمس و القمر؟

ذات سَحَر Where stories live. Discover now