الفصل الثالث

1.9K 72 9
                                    


استيقظت نور فزعة من نومها، رأته بأحلامها يذهب بعيدا يؤكد لها أنها لن تراه ثانية، وجدت الدموع طريقها إلى عينيها مرة أخرى وأيقنت أن هذا هو حالها، فمن اليوم لن تحظى بنوم هانئ، طبعت قبلة رقيقة على وجنة صغيرتها التى تحط فى سبات عميق بجوارها، تركت فراشها وقامت لتتوضأ لتركع بين يدى ربها، تتضرع إلى الله أن يربط على قلبها ويلهمها الصبر والسلوان
خرجت من غرفتها لتجد صديقتها نيرة تجلس على الأريكة، تمسك بهاتفها وكأنها تحاول الاتصال بشخص ما، هزة قدميها المتوترة و لعناتها التي تصبها بصوت خفيض ومظهرها القلق أنبأها بأن هناك كارثة تلوح في الأفق، اقتربت منها ملقية عليها تحية الصباح : صباح الخير
انتفضت نيرة عندما سمعت صوتها واقتربت منها تطمئن عليها : صباح الخير يا نور، عاملة إيه دلوقتي؟
تنهدت نور وخرج صوتها حزينا : هعمل إيه! خلاص هحاول أتأقلم على حياتى من غيره
ربتت نيرة على كتفها، وحينها لاحظت نور ارتعاشة كف يديها التى تصاحبها عند شعورها بالقلق، فسألتها : ندى ونسمة فين ؟
نيرة بتوتر : نزلو على شغلهم، معرفوش ياخدو أجازة
نور بتعجب : مالك يا نيرة؟ أنا حاسة إنك قلقانة ومتوترة، هو في إيه بالظبط ؟
ارتبكت نيرة، فبم ستجيبها، يكفى ما هى به الآن، وأمام إصرار صديقتها صرحت بها : نسمة مختفية، خرجت الساعة 2، طلبوها فى المستشفى بس موصلتش و تليفونها مقفول، مامتها وباباها هيموتو من القلق عليها
لم تكد تنهى جملتها حتى صدح رنين هاتفها برقم والدة نسمة، أجابتها سريعا : إيه الأخبار يا طنط؟ ظهرت ؟
لتتسع عينيها وتشهق واضعة كف يدها على فمها، فما سمعته كان الصدمة و الجالسة بجوارها تأكدت بأن الكارثة قد حلت

********************************

كانت ندى منهمكة بعملها بصيدلية المشفى التي تعمل بها حينما أتاها اتصال من طارق، التقطت هاتفها وأجابته : السلام عليكم
طارق : وعليكم السلام، انتي في الشغل ؟
نيرة بحزن : ايوه، بس ماشية دلوقتي، أنا أصلا كنت جاية أخد أجازة يومين عشان أفضل مع نور
قاطعها طارق : أنا قدام المستشفى، عايز أتكلم معاكي في موضوع مهم ومينفعش يتأجل أكتر من كده
تعجبت ندى من أمره، فهى تشعر بتغيره منذ يومين، وتساءلت عن الأمر الهام الذي يود التحدث إليها بشأنه، وبعد مرور نصف ساعة كانت تجلس بجواره بالسيارة التي انطلق بها فور صعودها إليها
غلفهم الصمت لفترة حتى قطعت ندى ذلك الصمت قائلة : مالك يا طارق ؟ إيه الموضوع المهم اللي عايزني فيه ؟
أجابها طارق دون النظر إليها : هنشوف مكان نقعد فيه ونتكلم براحتنا
اعتذرت ندى منه قائلة : معلش يا طارق مش هينفع، أنا عايزة أروح لنور وكمان لسه هعدي على البيت الأول
أوقف طارق سيارته بجانب الطريق، زفر بضيق وظهر التوتر جليًا بملامحه : أنا عايزك تسمعيني للآخر وبعد كده أنا تحت أمرك في اللي تطلبيه
ارتبك صوته أكثر : أنا كنت بحب واحدة جارتي، اتقدمتلها زمان واترفضت، بعدين هي اتجوزت وخلفت وعاشت حياتها، وبعدين قابلتك وأُعجبت بشخصيتك واتخطبنا
نظرت إليه ندى بعدم فهم : انت بتحكيلي دا ليه دلوقتي ؟
نظر إليها طويلا قبل أن يخبرها : البنت دي فيه مشاكل بينها وبين جوزها وماشيين في إجراءات طلاق. أنا روحتلها وعرضت عليها نتجوز بعد شهور العدة وهي و أهلها موافقين
اتسعت عينيها وفغرت فاها، شعرت بالصدمة من حديثه، هل تُراه يمازحها، ولكن ملامحه توحي بالجدية ولا تدل على أنه يمزح معها
تلعثمت في الحديث : أنا… إنت…. إنت أكيد بتهزر صح ؟
هز رأسه نفياً : لا، أنا دلوقتي جايلك عشان نشوف هنعمل إيه في حياتنا اللى جاية مع بعض
نظرت إليه بغضب وحدثته مستنكرة : حياتنا!!!! هو انت خليت فيها حياتنا؟ جاي تقولي إنك خطبت وتقولي حياتنا، انت مدرك إنت بتقول إيه؟ إحنا المفروض فرحنا بعد عشر أيام وإنت جاي تقولي أنا خطبت وبعدين تقولي حياتنا!!!
قاطعها طارق محاولا تهدئتها : أرجوكي يا ندى اهدي ولازم نقرر هنعمل ايه
صرخت به قائلة : انت مجنون!! هو إيه اللي نقرره!! إنت أكيد مش في وعيك
تجاهل نوبة غضبها وصراخها وأكمل حديثه وكأنه لا يسمعها : أنا هعرض عليكي الحلول اللي قدرت أوصل لها وانتي اختاري اللي يريحك. الحل الأول اننا نكمل حياتنا عادي وإنتي عارفة بوجودها كزوجة تانية، والحل التاني اننا نتمم الجوازة وبعد كام شهر نتطلق، أو حتى ممكن نأجل ونقول إنك أجلتى الفرح عشان خاطر صاحبتك لأنه مينفعش نفركش الجوازة فى التوقيت دا عشان كلام الناس
انتابتها نوبة ضحك هستيرية، تساقطت دموعها على وجنتيها، لا تعلم إن كانت من كثرة الضحك أم من بكائها، وكان هو ينظر إليها ولا يقو على الحديث، فكلامه لها هو من أوصلها لهذه الحالة
أخيرا سيطرت على نفسها وأخبرته متهكمة : كلام الناس! لا بصراحة كتر خيرك خايف عليا من كلام الناس ، هو إنت مفكر إني موافقة على أي حل أهبل من اللي قلته دا
انتزعت حلقتها الذهبية من إصبعها وألقتها بوجهه قائلة : مش عايزة اشوف وشك تاني
ثم ترجلت من السيارة وتابع هو رحيلها دون حراك

نون حائرةWhere stories live. Discover now