الفصل السادس

1.6K 64 8
                                    

أسلحة القتل كثيرة، قد تكون طعنة سكين أو طلقة رصاص، أو سم يُدَس فى طعام
أرحمها هي ما تُرديك قتيلا في الحال وأشقها هي ما تُدمي روحك أولا
وما حدث معها ما هو إلا موت على قيد الحياة، جسد لا روح فيه، ما يبقيه حيًا هو ما تصر عليها والدتها تناوله من طعام لايُسمن ولا يُغني من جوع ولكن بالكاد يضمن عمل أعضاء جسدها، فقد بدت هزيلة وضعيفة، بلغ الوهن منها مبلغه، تنام بفراشها مولية صديقتها ظهرها، رافضة التحدث إليها كما هو الحال معهم جميعا
ربتت (ندى) على ظهرها ولاحظت انتفاضة جسدها بمجرد ملامستها لها، حزنت لحال صديقتها، فقد كانت تظن أن ما فعله (طارق) معها هو أكثر ما يُؤلم الفتاة، ولكن برؤيتها لصديقتها وما آلت إليها حالتها أيقنت أن ما حدث معها لم يكن نهاية الكون وعليها ألا تستسلم لأى قوى تحاول كسرها كما أنها ستفعل ما بوسعها لمساعدة صديقتها
تركتها نائمة أو مُدعية ذلك وتوجهت للحديث مع والدي (نسمة) ، جلست برفقة (شمس) وتحدثت بحزن : وبعدين يا طنط، هنفضل سايبينها فى الحالة دى كده كتير ؟
تنهدت (شمس) وترقرق الدمع في عينيها : أنا حاولت معاها بكل الطرق ومافيش فايدة، إحنا غلطنا لما سمعنا كلامها وسبناها تخرج من المستشفى
بمجرد إنهاء جملتها أتى إليهم (منصور) وشبح إبتسامة يلوح على وجهه، نظرا إليه منتظرين ما سيخبرهم إياه
منصور : حازم لسه قافل معايا، قالي إن فيه واحدة قريبته دكتورة نفسية حكالها حالة نسمة وهتيجي تشوفها إن شاء الله، زمانهم على وصول
(شمس) بحزن : هترفض تكلمها زي اللى قبلها
قاطعها (منصور) قائلا : لا هو أكدلي إنها بالها طويل وهي الوحيدة اللى هتقدر تعالج نسمة وتخرجها من اللى هي فيه
ربتت (ندى) على كتف (شمس) قائلة : نستبشر خير يا طنط وإن شاء الله شفاء نسمة على ايدها
رفعت (شمس) عينيها إلى السماء مبتهلة إلى الله أن يستجيب دعواها

****************************************

توجه (يحيى) إلى (أمجد) الذي يجري مكالمة هاتفية ويبدو على ملامحه الجدية، وبمجرد رؤيته أنهى مكالمته وتوجه إليه قائلا : كويس إنك جيت، جالي تليفون من الشغل ولازم أمشي
أخذ هاتفه ومفاتيح سيارته وشرع في الرحيل ولكنه تذكر شئ ما، فعاد أدراجه مُخبرًا أخيه : كابتن سارة سألت عليك، بتقول عايزاك فى موضوع بخصوص فرح
أومأ إليه (يحيى) برأسه : تمام هشوفها، حاول متتأخرش هستناك أنا وفرح نتغدى سوا
أجابه (أمجد) قائلا : خلاص اسبقوني ع البيت لأنى مش ضامن أرجع النادي تاني
وبمجرد رحيل (أمجد) توجه (يحيى) لرؤية مدربة السباحة الخاصة بابنته التي وجدها قد أنهت تدريبها للتو
تهللت أسارير (فرح) لرؤية والدها،  ركضت إليه محتضنة إياه : بااااابي، وحشتني كتيييير
احتضنها (يحيى) مقبلا إياها : وانتى كمان وحشتيني يا روح بابي
سألته بطفولتها المشاغبة : جبتلي معاك عروسة جديدة ؟
أجابها مبتسما : جبتلك عرايس كتير، وهنروح البيت حالا نشوفهم ونلعب بيهم، بس ممكن تلعبي مع صحباتك شويه لحد ما أكلم كابتن سارة
أومأت الطفلة برأسها وركضت تجاه صديقاتها
مد يده مصافحًا (سارة) التي كانت تتابع لقاء الاب وابنته التى يضطر للغياب عنها لأيام بحكم عمله ك كابتن طيار، صافحته هي الأخرى : حمد الله على السلامة
ابتسم إليها (يحيى) : الله يسلمك، أمجد قالي إنك عايزاني بخصوص فرح
التفتت إلى الفتاة التي تتابع صديقاتها أثناء لعبهم بهدوءها المعتاد : غياب مامة فرح مأثر عليها، البنت بدأت تنطوي وزي ما حضرتك شايف مش بتشارك صحباتها فى اللعب، بقت ساكتة وهادية زيادة عن اللزوم، تقريبا مش بتتكلم غير معاك
حانت منه إلتفاتة تجاه ابنته، وجدها تتابع شئ ما بانتباه ويبدو على ملامحها الحزن، أدار بصره إلى ما تنظر إليه فوجد أنها تتابع أم تداعب طفلها
أكملت (سارة) حديثها عندما لاحظت ما ينظر تجاهه : ودا كمان أنا لاحظته عليها، فرح محتاجة أم تعوضها عن مامتها الله يرحمها، أنا مش عايزة أقلق حضرتك أكتر بس الأمر وصل معاها إنها تخترع شخص خيالي كأم ليها تتكلم معاها
شعر بالصدمة مما تقصه عليه مدربتها، هل وصل الأمر لذلك، هل تُراه من أوصل طفلته لهذه الحالة، ولكنه عندما يضطر لتركها بسبب عمله؛ يضمن أنها بأمان برفقة والدته و أخيه
شكرها (يحيى) : أنا بشكرك جدا لاهتمامك واوعدك انى هشوف حل للموضوع دا
تلعثمت قليلا قبل إخباره : أنا آسفة فى اللى هقوله بس يكون أفضل لو استشرت دكتور نفسي
أومأ برأسه : هحط دا فى اعتباري
شكرها مرة أخرى وتوجه إلى طفلته حاملا إياها بين ذراعيه يدغدغها بمرح، لا يشغل تفكيره سوى كلامه مع (سارة) وما وصلت إليه ابنته نتيجة عدم وجود والدتها بحياتها

نون حائرةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن