اول حرب بيولوجية في التاريخ

70 16 1
                                    

عام 1347م، فوجئ سكان مدينة «كافا» على البحر المتوسط بشئٍ يُلقى عليهم من خارج أسوار المدينة، لم يكن هذا الشيء كرة لهب أو سهمًا ناريًّا، بل كان جثثًا متعفنة لجنود المغول الذين حاصروا أسوار المدينة، وتبدو عليها آثار القروح والدُّبل، لم يدر السكان الغرض من إلقاء هذه الجثث عليهم، وما الذي يمكن أن تفعله بهم، القائد المغولي جاني بيج كان على علمٍ بما يمكن أن تفعله.

بعد حصار طويل لمدينة كافا بدأ الطاعون يدبُّ في أجساد جنود المغول، كان قائدهم جاني بيج المنحدر من سلالة جنكيز خان رجلًا شديد الصرامة، قتل أخاه من أجل الوصول إلى الحكم، سعى جاني إلى توسيع رقعة إمبراطورية المغول، وكانت كافا تقف في طريقه إلى أوروبا، بدأ جيشه يعاني من الطاعون ومن الجثث المتعفنة التي نتجت من وفاة جنوده بها المرض.

فكر جاني في الكثير من الحلول لهزيمة أسوار المدينة، لكنَّه لم يستطع، خاصةً مع تساقط جنوده واحدًا تلو الآخر من الطاعون، لمعت في ذهنة فكرة أن يلقي الجثث المتعفنة المصابة بالطاعون والبراغيث والقروح على المدينة من أعلى، ومن ثمّ يُصاب أهلها بالطاعون فتضعف قدرتهم على المقاومة ويسلمون المدينة، عُرفت الحروب البيولوجية منذ زمن طويل في التاريخ، لكن جاني فعل ما لم يفعله أحدٌ قبله.

سرعان ما وضع جاني بيج خطته موضع التنفيذ، استخدم جثث جنوده أسلحةً استراتيجية للوصول إلى مبتغاه، فوجئ سكان المدينة بالجثث تسقط عليهم، أصيبوا بالهلع مع منظر الجثث المرعب، بدؤوا في الهروب جماعاتٍ وأفراد، لكن الأوان قد فات؛ فقد انتقل الطاعون إليهم.

هرب السكان إلى مدينة سيينا الإيطالية عبر سفنهم، كانوا يطلبون النجاة لكنَّهم حملوا الموت لسكان أوروبا فيما بعد، أصيبت مدينة سيينا بالمرض، بدأ انتشاره أكثر فأكثر، من سيينا إلى روما إلى باريس، حتى عمّ أوروبا كلها، وقتل 50% من سكانها في واحدة من أكبر الكوارث التي شهدتها القارة العجوز عبر تاريخها الطويل.

من دون عنوانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن