❉ الفصل الثامن ❉

1.4K 130 42
                                    

❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉ ❉❉❉

- صلوا على نبينا محمد عليه الصلاة و السلام

على مائدة العشاء جلسَ كلٌ من سمر و شاهر و أنس و فريال يتناولون الطعام بصمتٍ فهي مازالت مجروحة مما حدث تحاول إستجماع شتات ما بقي منها أما شقيقها فعلى حاله ساكن لكن داخله يغلي من شدة التفكير و ما يتذوقه منذ إدراكه بأن نجوى لا تحبه و لا تريد أن تحبه من الأساس , قاطعهم صوت أنس و هو يقول بتساؤل موجه نظراته لإبنه

- أين هو جهاد ؟ لما لا يأتي إلينا أبدا منذ أسبوع كامل !

تطلع إليه شاهر بغموض و حوّل نظره سريعا إلى سمر الذي تصلبت إثر ذكره ليعاود بصره إلى والده مجيبا و هو يحاول أن يبدوا صوته عاديا

- آآآ.. العمل يا أبي , اجل ! العمل فوق رأسه , تعلم بأنه محامي و شركته من أشهر ما يأتيهم من القضايا و المشكلات لحلها , لهذا هو منغمس في ذلك و يقوم بالمبيت عند صديقه الذي يسكن جوار مقر العمل 

إبتلع أنس الطعام ماسحا فمه بالمنديل مواصلا بحيرة فقد كان جهاد يتواجد هنا دائما حتى إختفى تماما قبل مجيئ سمر من المستشفى بيوم واحد

- ليس من عادته فعل هذا التصرف , فنحن عائلته لو لن يأتي هنا فأين سيذهب , غذا حين يمر عليَ في مكتبي سأجعله يرجع معي و يمكث هنا غصبا عنه فيكفي خمس سنوات و هو مبتعد عنا

قرر ذلك و هو غافل تماما عن سمر و الصراعات التي تواجهها بداخلها و هي تعلم بأن ذلك الحقير الذي كان سببا كبيرا في دخولها المستشفى سيأتي إلى هنا و يبقى معهم , نظرت إلى والدتها التي أبتهجت لتحول بعدها رماديتيها نحو شاهر الذي شرع في إلتهام الأكل بصعوبة فيا إلهي ماذا يرغب والده في فعله يقسم بأن سمر و مظهرها يدل على رغبتها الشديدة في قتل جهاد ما إن ستلحظه كما أنه غير متأكد بقبول جهاد لمجيئه إلى هنا و حتى و إن إتصل به و أخبره بعدم مروره على مكتب أنس غذا يدرك بأن والده سيذهب وراءه برجليه ليحضره , بتوجس رفع بصره لشقيقته التي كانت مستمرة في التحديق إليه ليخفضهما من جديد متهرب منها فما ذنبه هو إن أراد والده أن يفعل مثل هذا الشيئ

- عن إذنكما سأذهب لآخذ الدواء

تفوهت سمر بنبرة جافة و هي تنهض متحججة بموعد الدواء و راحت تسير شاعرة بسخط جراء ما سمعته فهذا ما كان ينقصها أن يأتي آخر من تود رؤيته على وجه الأرض , ( جهاد ) رددت ذلك الإسم في عقلها فكلما ما تذكرته أو صادفت سماعه حتى تحتدم مشاعرها غيضا , تتذكر جيدا تلك الصفعة التي أخذتها قبل خمس سنوات بسببه , تتذكر حتى الحرارة التي أحست بها بعدما هوت كف والدها عليها , لن تنسى تلك اللحظة أبدا , ستظل تحتفظ بها كما تحتفظ بمقتها لمن كان وراء أخذها ذلك الكف , أغلقت باب غرفتها بقوة و بوجه مكفهر تود لو أن يوم غذ لن يأتي أبدا فلن تستطيع رؤيته و البقاء ساكنة بعدما فعله بها قبل إغماءها و دخولها للمستشفى كان هو أيضا سببه فلو لم يأتي لها و يتحدث بتلك الطريقة النزقة معها لما كان سيؤول بها الحال جالسة على الفراش لمدة ثماني أيام , رفعت يدها اليمنى واضعة إياها على خصرها فكيف ستستمر بالعيش معه تحت سقف واحد دون الذهاب نحوه و إرتكاب جريمة بشعة في حقه , زفرت بقوة تستغفر كي تزيل هذه المشاعر منها و إتجهت نحو علبة دواءها كي تتناوله , لتخطر على بالها فكرة فماذا لو مثلث عليهم غذا بأنها مريضة و ستبقى هنا متحاشية للقاءه لكنها حذفتها في نفس اللحظة و شربت كوبا من الماء وراء تلك الحبات التي أخذتهم فهل ستستمر بتمثيل دور المريضة حتى يذهب من هنا و هي لا تعلم أساسا إذا سيبقى هنا للأبد و حتى و إن أدركت موعد رحيله و فعلت نفسها مريضة ستُقلق عائلتها عليها و سيحملوها من طبيب إلى آخر و هي لم تعد قادرة على إحتمال تلك الأجواء لتفقز في رأسها فكرة أخرى و هي تضع كوب الماء على المنضدة الصغيرة التي بجانب رأس سريرها فإذا ذهبت الآن إلى شاهر تكلمه كي يقنع حضرة شقيقه بعدم المجيئ مع والدها هل سيفعل و إذا فعل هل الحقير الآخر سيقتنع بذلك , لالالا , لن تجازف بهذا فلو علم بأنها هي وراء تلك الفكرة سيستمتع كثيرا و يأتي هنا رغما عن أنفها كي يضايقها بوجوده كما أنها لا تريد إحزان شاهر و هي تخبره بذلك فهو و فريال مشتاقين له كثيرا لهم سنين لم يشبعوا من وجوده فلتتركه يأتي و ستتجنبه هي بدورها لا حل لها غير هذا أما عن الغذ فستذهب باكرا إلى نجوى و لن تعود في وقت متقدم لعلها تأتي و لن تتصادم معه ....

قلوب خافقة { مكتملة }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن