❉ الفصل العاشر ❉

1.4K 115 40
                                    

❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉❉ ❉❉❉

كانت تتناول فطور الصباح متأخرا نوعا ما فهي من عادتها حتى لو لم تستيقظ باكرا لن تنسى أكل إفطارها حتى لو لم يكن وقته المناسب , كانت الساعة العاشرة و نصف جالسة تأكل و سعيدة نوعا ما بأنها لم تلتقي بذلك الجهاد و ما أكد لها غيابه حين سألت فريال أجابتها بأنهم كلهم ذهبوا للعمل و لم يبقى سواهما في البيت , صعدت مجددا إلى غرفتها كي تدردش قليلا مع نجوى و بعدها راحت تستحم واضعة ماسك على وجهها و تعتني بجسدها فهذا الطقس متعودة على فعله كل يوم اثنين , خرجت من الحمام الموصول مع غرفتها و جسدها مغطي كليا بمعطف الإستحمام ضامتا شعرها بمنشفة فوق رأسها , صوت فتح الباب جعلها تستدير لفريال التي كانت مرتدية حجابها حاملة حقيبة نسائية معها معلنتا لها بطلاقة

- سَمَر أنا ذاهبة مع خالتكِ رفيدة إعتني بالمنزل ريتما أعود

هزت الأخرى رأسها مسرعة ناحيتها تقبلها بشقاوة طفلة رادتا عليها

- حسنا يا أمي , رافقتكِ السلامة و أوصلي قبلاتي لأسماء و خالتي

و تركتها تذهب لتغلق الباب وراءها و غيَّرت ترتدي ثيابها كانت عبارة عن فستان رمادي يناسب فضية عيونها يصل إلى قدميها و أكمامه تصل لرسغيها بشكل منفوخ كأنه ثياب الأميرات و لملمت شعرها الناري المبلول على شكل ذيل حصان مما جعل قسمات وجهها تظهر بشكل واضح فياليت لو نجوى لم تذهب مع لميس لفحص طبي على جنينها لكانت نادتها كي ترافقها هنا بما أنها وحدها , وضعت رشات من عطر الفراولة و خرجت تنزل للمطبخ فبطنها صارت تصدر أصواتا من الجوع , هكذا فكرت و هي تسير في الرواق لكن سرعان ما
صرخة خوف و دهشة دوت من فمها و هي تصطدم بذلك الجسد الذي أمسكها من كتفيها يمنعها من السقوط للخلف و إستكانت بصدمة و هي ترى جهاد الذي كان مثلها يتطلع إليها لكن بعيون عميقة , لوهلة أخرجت نفسا يدل على إطمئنان صاحبه , فقد ظنت سارقا دخل للبيت لكنه من حسن الحظ كان جهاد , و إستمرت بجرأة و قوة تحاول تفسير ما داخل مقلتيه و هي ترى أنفاسه تضطرب من قربها و يفترس ملامحها إفتراسا جعلت عصافير بطنها تذغذغها من ذلك الإحساس , لم تقدر من شدة التأثير أن تبعده عنها فرائحته الزكية و قربه بهذا الشكل دفعها لتضعف أكثر , لا تقدر على تحريك جزء من جسدها بعيدا عنه و كأن غضبها و كرهها له طار في مهب الرياح و إستسلم خاضعا أمام هذه المشاعر الجياشة التي إكتشفتها توا , لتنزل فتنة رماديتيها بعيدا عنه ليقترب منها أكثر و بهدوء زفر بحرارة أشعلت جسدها و أردف بصوته الخفيض يقول بعمق شديد

- أنا آسف سَمرائي

لتتوسع عيونها على شدتهما و رفعت رأسها له لكنها تصلبت فجأة و هي تتطلع لشفتيه القريبة من شفتيها لتبعد جسدها عنه بقوة و تجمعت الدموع في مقلتيها و بأنفاسٍ لاهثة إستدارت تجري لغرفتها و أغلقت الباب على نفسها بالمفتاح و سقطت أرضا على ركبتيها ترتجف من تلك المشاعر التي لعبت بكيانها و زلزلت شيئا عميقا بداخلها , فأين إختفى غضبها منه ! أين هو حقدها ! و كراهيتها ! ضمت بكلتا يديها جسدها تشعر بأحاسيس غريبة من ناحيته , قربه فعل شيئ بها , كلمة ( سمرائي ) و هي تخرج من شفتيه شلتها بالكامل و صدمتها , تريد تفسير عن ما حدث توًا , تود توضيح لما جرى بينها و بينه الآن , عيونه , نظراته , نبرته , زفير أنفاسه القريبة من بشرتها , كل هذا له معنى , زمت شفتيها تبحث بين ثنايا روحها عن مقتها له لكنها لم تجد , بحثت و بحثت جيدا لكن كل شيئ تبخر و هي تسمعه يردد ( أنا آسف ) , حاولت إستحضار تلك الليلة قبل خمس سنوات , حاولت إستحضار تلك الصفعة و الإهانة و حاولت إستحضار ما جرى بينهما عند شاطئ البحر في الزفاف , لكن كل هذا لم يوقظ الغضب الذي كان يسكنها من ناحيته حين تتذكره , أصبحت تشعر بالبرودة أكثر من قمة رأسها إلى أخفض قدميها فما فعله أغرقها في متاهة , لن تسمح له أبدا , قطعت وعدا قبل خمس سنوات بأنها ستكرهه طوال حياتها و ستفعل , تأسفه اليوم و قربه و حنيته ذكرتها غصبا بجهاد الذي كانت تحبه و هي طفلة أعادها لسنوات إلى الوراء , للحظة أدركت بأنها تفتقد حقا ذلك الشخص الذي كان عليه قبل هذا , لثانية شعرت بإحتياجها الشديد لجهاد اللطيف و الصديق الذي كبرت بين يديه لكنها لم تجده أبدا و لن تجده فهذا شخص آخر , شخص دفعها أمام والدها ليضربها و يهينها أمامه , شخص أراد كلمته هي التي تكون و تُطبق لدرجة لم يدافع عنها و لأول مرة و ترك صورتها تتشوه أمام أبيها دون إكتراث ..

قلوب خافقة { مكتملة }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن