الجزء الثاني: (24)

465 54 4
                                    


(24)




لم يستغرق انتشار الشائِعات طويلًا، فإن كتبتُ في أحد مُحرّكات البحث كلمة "عيد" تظهر لي عبارات من قبيل "جريمة عيد الميلاد" و"كارثة عيد الميلاد" ككلمات مِفتاحية ذات صلة، وبين الحين والآخر تظهر مقالاتٌ تتحدث عن فتى في الخامسة عشر من عمره كنيته سون والذي فقد والدته وجدّته، ويرفقون بها صورًا التُقِطَت لي في الجنازة، صحيحٌ أنّ وجهي مشوّشٌ فيها، ولكنّه كان من عدم الإتقان لدرجة أنّ كُلّ من يعرفني سيميّزني فيها على الفور.

تباينت ردّات فعل الطلاب، فكان بعضهم يُشيرون إليّ من على بُعدٍ في الممر ويتهامسون عند مروري فيه، وكانت عيناي دائِمًا تُلاقي عينيّ أحدهم متى ما التفتُّ في الصف.

في أحد الأيّام استجمع أحد الطُّلّاب شجاعته ليسألني ما كان يعتمل بأذهان الجميع، كنتُ حينها في طريق عودتي للصف من بعد الغداء، فرأيتُ ظِلًّا صغيرًا مُهتزًّا خارج نافذة الممر، كان غُصن شجرةٍ ينقر النافذة، وعلى حافّة الغُصن أزهرت زهور (فورسيثينيا) بالغة الصِّغر. فتحت النافذة ودفعت الغُصن في الاتجاه المُعاكِس؛ لِظنّي أنّ الزهور بِفِعلتي هذه سيتسنّى لها التعرّض لقدرٍ أكبر من أشعة الشمس، وحينها تردد صوتٌ عالٍ في الممر.

- "إذن، كيف شعرت حين رأيت والدتك تموت أمام عينيك؟"

التفتُّ نحو مصدر الصوت فرأيتُ فتىً صغيرًا، وكان ذلك الفتى عادةً ما يتحدّث عن المُعلّمين من وراء ظهورهم، ويجد مُتعةً في كون تصرّفاته قادرة على تأجيج الزحام، إنّك تلتقي بهذا النوع من الناس في كُلّ مكان.

أجبتُ عليه:

- "أُمّي ليست ميّتة، جدّتي هي مَن ماتت."

هتف الفتى ببرودٍ مُطلقًا صوتًا تعجّبيًّا، ودار بنظره على بقيّة الفتية مُلاقيًا أعين بعضهم، ثُمّ أطلقوا جميعًا ضحكةً مكبوتةً في ذات الوقت. سألني مُجدّدًا:

- "أوه حقًّا؟ اعذرني، دعني أُعاود سؤالك، كيف شعرتَ حين رأيت جدّتك تموت أمام عينيك؟" استنكرت مقاله بضع فتياتٍ هتفن مهلًا، هذا ليس بمُضحكٍ.

هزّ الفتى كتفيه ورفع يديه قائلًا بصوته الذي ازداد ضآلة:

- "ما خطبكم؟ أنتم أيضًا تريدون معرفة ذلك يا رِفاق."

سألتُهم:

- "أتريدون أن تعرفوا؟" فلم يُجِب أحدٌ منهم، بل وقفوا جميعًا في سكونٍ، فاسترسلتُ قائِلًا: "لم أشعر بشيء."

ثُمّ أغلقتُ النافذة وتقدّمتُ والجًا الصفّ، وعاد الضجيج لما كان عليه، ولكنّ لم يكُن من المُمكن أن تعود الأمور لِما كانت عليه منذ دقيقةٍ مضت.

아몬드 (Almond) | لَوْزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن