الجزء الثاني: (41)

288 37 2
                                    


(41)




لم يكُن (غون) على صواب؛ فقد كانت أُمّي تصلح لأن تكون أيّ شيءٍ سوى سَيّدة أعمال؛ وذلك لأنّ جميع قراراتها -عدا القرارات المُتعلّقة بي- كانت مبنيّة على رومانسيّة وأهواء بائسة، وفتح متجر كتب مُستعملة كان دليلًا دامغًا على ذلك. في بداية افتتاحها لمتجر الكُتب أجرت بحوثًا حول نوعيّة الكُتب التي يُفضّل أن تختزنها، ولكنّها لم تتوصّل لشيءٍ بعينه، ولذا قرّرت أن تحذو على الأقلّ حَذو متاجر الكتب المُستعملة الأخرى وشرعت تختزن كُتبًا تقنيّة وكُتبًا أكاديميّة أو تحضيريّة للاختبارات وكُتب أطفال وكُتبًا أدبيّة، وبِما تبقّة من مالٍ -أيًّا كان- قالت أنّها ستشتري جِهاز صُنع قهوة (إسبرِسّو) صغير؛ فالكُتب حين تمتزج بعبق القهوة تخلق المزيج الأمثل، أو على الأقل هكذا رأت أُمّي.

إلّا أنّ جدتي شَخَرَت وقالت في استهجان:

"جِهاز صُنع قهوة في أحلامك."

كانت جدّتي تتمتّع بموهبةٍ في إثارة حنق أُمّي ببضع كلماتٍ، فثار غضبُ أُمّي للسخرية التي تعرّضت لها ذائقتها الرفيعة، فيما لم يطرف لجدّتي جفنٌ وقالت بصوتٍ مُنخفض:

- "أحضري بعض الإباحيّات هُنا وحسب."

نفثت أُمِّي غَضَبًا، بينما استأنفت جدّتي تستعرِض مهاراتها في الإقناع:

- "كما تعلمين، إحدى أفضل لَوحات (كيم هونغ-دو)* كانت تشون-هوا**، تلك الرسومات الفاحِشة، فكُلّ شيءٍ يغدو أثريًّا بعد مرور الوقت، وكُلّما زاد إباحيّةً، زاد سعرًا! حاولي العثور على مثل هذه الأشياء." ولم تنسَ ترديد نُقطتها الأساسيّة: "جِهاز صُنع قهوة في أحلامك."

أخذت أُمّي بنصيحة جدّتي بعد أن أمعنت التفكير فيها لأيّامٍ قليلة، فسلكت كُلّ السُّبُل المُتاحة عبر الإنترنت لتعثر على مجلّات فاحِشة قديمة، واستطاعت أخيرًا أن تعقد صفقةً بشكلٍ شخصيٍّ مع شخصٍ غريبٍ في محطّة (يونغ-سان)، ورافقناها أنا وجدّتي لنُعاونها على حمل حِملٍ ثقيلٍ من الكُتب. بدا على صاحب الصفقة والذي كان رجلًا في نهايات أربعيناته بعض الاندهاش عند رؤيته امرأتين ومُراهقًا، ولكنّه أخذ المال سريعًا وتلاشى كمن تذروه الرياح. كانت المجلّات مربوطةً بحبلٍ لا يستُر أغلفة المجلّات التي بالأعلى، وفي طريق عودتنا كان راكبو المترو يرمقون المجلّات وإيّانا بنظراتٍ شزراء.

قهقهت جدّتي قائلةً:

- "بالطّبع سوف يُحدّقون؛ فهناك امرأةٌ عاريةٌ مُقيّدةٌ بحبل."

صاحت بها أُمّي:

- "لا تتظاهري بأنّ لا دخل لكِ في هذا، لقد كانت فكرتك!"

ومع المزيد من الصفقات المُباشرة تمكّنّا من الحصول على بعض الأعداد النادرة كمثل المجلّة الكلاسيكيّة التي أريتُ (غون)، وبعد مجهودٍ جهيدٍ أكملنا مجموعة جدّتي 'الكلاسيكيّة'.

ولكن لسوء الحظّ لم يُصِب تنبّؤ جدّتي، فقد رأيتُ بالفعل رجلًا في مُنتصف عمره يتجوّل في أرجاء قسم مجلّات البالغين بين الحين والآخر، ولكن اليوم وفي هذا العصر لم يعُد النّاس بحاجةٍ إلى شِراء الإباحيّات من متجرٍ واضعين أنفسهم في خطر إحراجٍ مُحتمل كما كانوا في عشرينات أُمّي؛ أمّا الآن فهناك طرق سهلة عديدة للوصول إلى هذا النوع من الترفيه في المنزل والتّمتّع به في حدود منطقة راحتهم، ولذا سيكون من غير المُعتاد والاستثنائيّ أن ترى أحدهم يبتاع كُتبًا إباحيّة من مُوظّفة تعمل في متجر كُتب مُستعملة في نهايات العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، باستثناء مالك متجر تسجيلات مُستعملة والذي ابتاعها ليستخدمها كديكور لمتجره، وهكذا فالكلاسيكيّات المُندرجة تحت هذا التصنيف بالتحديد لم تُبَع مُطلقًا وأُزيحَت جانبًا عاجلًا، وكان (غون) أوّل زبونٍ يشتري عددًا واحدًا كهذا في وضح النهار.











- فقرة بلُوتُو سينسي!

*(كيم هونغ-دو): كان رسّامًا في عهد مملكة جوسون في كوريا، وكان مُتفرّدًا في جميع أنواع الرسم التقليديّ، كما كانت له مجموعة من اللوحات الإباحيّة بطابع ذاك العصر.

**(تشون-هوا\춘화): كلمة كوريّة تعني الصور الإباحيّة.

아몬드 (Almond) | لَوْزOnde histórias criam vida. Descubra agora