الجزء الرابع: (71)

168 30 1
                                    


(71)




فيما بعد سألني النَّاس لمَ لَمْ أهرب، ولمَ بقَيتُ حتّى النّهاية، فأجبتُهم بأنّي لم أفعل إلّا الأمرَ الأيسَر عليّ، والشَّيءَ الوحيدَ الذي قد يفعله شخصٌ يعجز عن الشعور بالخَوف.




***




كنتُ أفقد وعيي وأستعيده مِرارًا كمصباحٍ فلوريّ يومِض مُتذبذبًا، وكلّما استعدتُه شعرتُ بحِدَّةِ الألم عنيفةً بالِغةً حتّى تساءَلتُ لمَ خُلِقَ جسدُ الإنسان مُهَيَّأً لتحمُّل هذا القدر الهائل من الألم. كنتُ أتألَّمُ بشِدَّة دفعتني للتفكير في أنَّه من الظُّلمِ وعدم الإنصافِ أنِّي لم أتوقّف عن العملِ تمامًا بعد.

رأيتُ لمحاتٍ خاطفة من (غون)، ظهرت لي مُشوَّشةً أحيانًا وواضحةً أحيانًا أخرى، إذ بدا أنَّ عَطَبًا ما قد أصابَ عقلي. رأيتُ كم كان خائفًا.. وعندئذٍ فهمتُ قليلًا ما معنى أن يكون الإنسان مرعوبًا: إنّه أشبَه بأن تحاول يائسًا التقاط أنفاسك في مكانٍ يخلو من الأكسجين، هكذا كان (غون) ينظر إليّ.

رأيتُ وجهه يتشوَّش، فحسبتُ أنَّ رؤيتي قد تَضَبَّبَت، ولكن اتَّضَح أنَّ وجههُ هو الذي تلطَّخ بالدُّموع. اشتدَّ عويلُه وأخذ يصرخ: توقَّف، أرجوك توقَّف،فلتؤذني أنا بدلًا منه.. بدا صراخه أبديًّا. أردتُ هزّ رأسي لأخبره أنَّه ليس مضطرًا لقول ذلك، لكنَّ قواي كانت خائرة.





















(-5)




아몬드 (Almond) | لَوْزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن