الجزء الثاني: (36)

327 40 7
                                    


(36)




"لا يوجد أحدٌ لا يُمكن إنقاذه، وإنّما يوجد أُناسٌ يكفّون عن مُحاولة إنقاذ الآخرين". إنّه اقتباسٌ للأمريكيّ (ب. ج. نولان)* الذي اتُّهِمَ بالقتل وصارَ كاتبًا. فقد حُكِم عليه بالإعدام لقتله ابنة زوجته، وادّعى براءته طوال فترة سجنه التي كتب خلالها مُذكّراته، فأصبحت فيما بعد من أفضل الكُتب مَبيعًا، ولكنّه لم يشهد ذلك بنفسه قطّ؛ حيث أنّه أُعدِم تنفيذًا لحُكمِه.

بعد سبعة عشر عامًا من إعدامه، سَلّم القاتل الحقيقيّ نفسه، وأُثبِتَت براءة (ب. ج. نولان) رسميًّا. كان مُرتِكب هذه الجريمة الشنعاء في ربيبته هو جارُه القاطِن في المنزل المُجاوِر له.

أثار موت (ب. ج. نولان) الجدل على العديد من الأصعِدة، فرغم أنّه كان بريئًا من قتل ربيبته، إلّا أنّ تاريخه كان زاخرًا بالجرائم الخطيرة من قبيل العُنف والسرقة ومُحاولات القتل. قال الكثيرون أنّه كان قُنبلةً مَوقوتةً، فحتّى إن أُثبِتَت براءتُه كان لِيتسبّب في مشكلاتٍ أخرى عاجلًا أم آجلًا. على أيّة حال، وريثما كان العالم يُلقي بأحكامه على الرجل الميّت كما يحلو له، كان كتابه يتلقّى إقبالًا هائِلًا.

كان في غالبيّة مُذكّراته يحكي بصراحةٍ عن طفولته المسلوبة والسنين الأولى الملأى بالغضب من مُراهقته، فروى عن شعور طعن أحدهم بالسكّين أو اغتصاب امرأة، وكان الوصف حيًّا أكثر من اللازم حتّى أنّ بعض الولايات حظرت الكتاب، فقد وصفَ الشعور -ببساطةٍ- كأنّه يشرح كيفيّة رَصّ حاجيّات البقالة في الثلاجة أو وَضع ورقةٍ داخل مظروفٍ بشكلٍ أنيق. "لا يوجد أحدٌ لا يُمكن إنقاذه، وإنّما يوجد أُناسٌ يكفّون عن مُحاولة إنقاذ الآخرين". أتساءل عمّا كان يدور بخُلده حين كتب الكلمات السابقة. أكان يبتغي الاستنجاد بالعَونِ؟ أم أنّها وُلِدَت من رَحِم الضغينة؟

أكان الرجل الذي طعن أُمّي وجدّتي على ذات دَيدَن (ب. ج. نولان)؟ أكان (غون) كذلك؟ أم أنّي كنتُ أنا كذلك؟

أردتُ أن أفهم العالم بشكلٍ أفضلَ ولو قليلًا، ولفِعل هذا كنتُ بحاجةٍ إلى (غون).











*تذكير: (ب. ج. نولان) شخصية خياليّة.

아몬드 (Almond) | لَوْزحيث تعيش القصص. اكتشف الآن