المشهد الخامس

924 59 1
                                    

منذ ساعة ونص جالسة بمنزل رفيقتها, التي تُحاول باستماته أن تُعلمها شيء, تُفهمها, تُريها بعض الأشياء البسيطة, والتي من المفترض أن تكون لديها, لا أن تتعلمها من جديد..

وكأنها تتعلم أبجديات الأنوثة, منذ أن تلقت الاتصال, وتوعدها إليها إن علم أحد بما ستُخبرها به, ستكون نهايتها,

وليست النهاية موتها, فما ستفعله تلك المجنونة أسوء من الموت, فهي تتفنن بطرق الانتقام, والتي لا تتناسب مع الفتيات, فتُناسب في مزاحها (هزار البوابين)

وفي غضبها تُشبه ذلك القطار الذي لا يقف على محطة, فيدهس من أمامه دون اكتراث..

بابتسامة, وصبر مُبالغ فيه أخذت نفسًا عميقًا, تزفر بشهيق وزفير, وكأنها تُمارس أحد تدريبات اليوجا الخاصة بها..

ثم قالت بهدوء, وكأنها تُهادن طفل صغير:" روفيدة.. غمضي عينيكِ, وخدي نفس عميق واتنفسي.. وطلعي الأنثى اللي جواكِ.."

رمقتها بنظرة ممتعضة, هاتفة باستنكار, تُشيح بيدها بعدم رضا:" إنتِ ليه محسساني إني ملبوسة, وهطلع العفريت اللي جوايا.. أنا كائن مليش في المياعة.. واحدة تربية شهد دي مربياني على إني ابنها.. ثم إن آدم بيعاملني معاملة الأخ مش الأخت.."

زفرت بيأس من الحديث العقيم معها، ثم ابتسمت بتصنع, قائلة بهدوء:" بس إنتِ أنثى بطبعك يا روفي.. يعني أكيد فيه رقة في التعامل يعني آدم مستحيل يضربك.."

ومع كلمتها انفجرت في الضحك وكأنها سمعت نكتة، تقول من بين قهقهاتها:" مضربنيش!.. يا أمي ده لو عدى يوم متخانقناش وضربنا بعض, ده معناه إن فيه مشكلة جامدة بينا.. لو اليوم ما صطبحش آدم ببوكس مني.. ورزعني قفا يبقى شايل مني.."

_إنت ليه محسساني إنه بيديكِ بونبوني.. دي مش طريقة تعامل على فكرة همجية..

والكيوت تستنكر بسخط واضح المعاملة،

في حين البلطجية الجالسة أمامها بجلسة لا تناسب فتاة، بل يمكن القول أنها تناسب مصطبة أمام أحد المنازل الريفية، ينقصها كوب من الشاي الحبر لتكمل الصورة،

تمط شفتيها بلا مبالاة مغيظة، ثم تقول بحنق:" رشا بقولك إيه.. أنا مزنوقة في المهمة دي, ومعرفش حد مايع غيرك كده.. ساعديني.."

وكلمة "مايع" تنطقها دومًا على التصرفات الطبيعية لأي فتاة؛ فلا تأخذها بمحمل شخصي جدي؛ فلو فعلت لكانت قطعت علاقتها بها منذ زمن،

وتتساءل بحيرة:" بصراحة يا روفي أنا مش عارفة أنا متحملاكِ الفترة دي كلها إزاي!.."

التوت شفتها العليا باستنكار؛ ناظرة إليها نظرة مستخفة تجيبها بامتعاض:" ده أنا اللي مش عارفة مستحملة دلعك ده إزاي.. أحيانا بتفكريني ببت خالتي المايصة سهام.. بس اللي مصبرني عليكِ إنك بت جدعة.."

روفيدة وسيف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن