المشهد الثاني والعشرون

719 49 1
                                    


بطرف عينه لمحها حين دلف من باب البناية متوارية عن الأنظار,

كعادتها وكأنه مكانها المفضل تنتظره أسفل السلم، عليه ألا يرتاع حقا ويعتاد الأمر؛

ربما فيما بعد يجعله مخبأ سري لهما؛ إن كان يُعجبها بهذا الشكل،

ابتسامة ملتوية بالتواء أفكاره الوقحة اعتلت ثغره؛

وهو يتحرك اتجاه الدرج متجاهلاً إياها بتعمد, يود الركض منها خوفًا مما تنتويه لأجله؛

لكنه دون إرادة انتفض وهي تجذبه من ياقته الخلفية بعنف،

فالتفت إليها بوجه بائس مبتسم:" روفيدة.."

ردت إليه ابتسامته بسماجة، وهي تقول بنبرة

غامضة:" أهلا.. أهلا بالرتبة العُليا.."

جملتها والتي القاها بوجهها في المكتب, ردتها إليه بوعيد جعله يعرف من الرتبة العليا في الوضع الحالي؛

بل سيُعامل معاملة مميزة على يديها..

تنحنح ولا تزال ابتسامته على وجهه، يقول بلطف

مازحًا:" أحلى استقبال ده ولا إيه؟.. مستنياني ولا التشريفة.."

تلك النظرة الباردة التي رمته بها؛ جعلته يبتلع باقي كلماته متوجسًا مما تنتويه،

وهي لم تقصر، فتقترب منه بشدة، تبتسم ابتسامة سوداء،

قائلة بخفوت مخيف:" بتعمل عليا حضرة المقدم, وتمنعني من إني أروح معاكم.. وأخويا الواطي بيسلمني ليك!.. ليلتك سودة.."

عبس بوجهها, وهو يهتف بتظلم:" وليلتي تبقى سودة لوحدي ليه!.. حرام كده.."

فتلمع عيناها بشر، وهي تقول بغموض مريب:" لا آدم محضراله حاجة مشبرة كده.. أما أنت.."

صمتت متعمدة, ونظراتها تشتعل بغل،

جعله يبتلع ريقه مرتابًا، يسألها:" إيه؟.."

وصمتها وترّه بشدة فيعبس, وهو يلح مكررا سؤاله:" ناوية على إيه؟.. مش مرتاحلك.."

ولم ترد عليه أيضا, فينظر حوله ثم يميل لكلا الجانبين محاولاً رؤية أي شيء قد تنوي مفاجأته به، لكن لا شيء..

ذلك الصمت مع نظرتها المريبة, جعلته يتململ,
هاتفًا بتبرم يكاد يكون توسلا:" مالك.. هتقتليني ولا إيه!.."

ابتسامة متسعة تحولت لضحكة عالية, لم تستطع وهي تراه خائف مما تنتويه،
تحاول التوقف عن الضحك وهي تقول:" منظرك مسخرة.."

تميل قليلاً, واضعة يدها على خصرها, لاهثة تلتقط أنفاسها، قبل أن تهز رأسها بيأس،
قائلة بسخرية:" لما أنت مش قد كده.. بتعمل نفسك سبع الرجال ليه؟.."

روفيدة وسيف Where stories live. Discover now