المشهد الثامن

868 45 2
                                    

يومان يصارع فيهما أفكاره منذ أن أخبرته الكارثة المسماة روفيدة بما قالته لوالدتها عن العروس المزعومة، يحاول التفكير في حل ليخرج من المأزق..

شهد ليست مجرد جارة تقطن ببنايتهم وبينهم مودة، بل هي أكثر من ذلك..

هي بمثابة والدة له ولشقيقه، ومهما حدث لن ينسى ما فعلته لأجلهما..

حين توفت والدته وهو بعمر العاشرة، وبقي مع والده وشقيقه، وبحكم عمل والده كطبيب كثير الغياب بل والسفر، كانت هي من ترعاهما ويقضيان معها معظم الوقت،

وبعد وفاه والده وهو بالثانوية ومحاولة أقرابهم بالصعيد أخذهما لرعايتهما, تصدرت هي وزوجها رحمه الله لهما, وأصرت على بقائهما بشقتهما خوفًا من تشتيتهما بأماكن غريبة، قلقًا على مستقبلهما الدراسي، وحالتهما النفسية،

وهو وشقيقه رحبا بالأمر كثيرًا؛ فلم يكن ليختلف الوضع عن سابقه، فهما دائمي الإقامة عندها..

وكم شعر بالفخر حين دلف كلية الشرطة اقتداءً بوالد آدم اللواء عمران رحمه الله، ولحبه وتعلقه به، ومعه آدم رفيقه منذ الطفولة، في حين سلك أسامة درب والده ودلف كلية الطب..
لتلحقهما روفيدة تشبثًا بهما كعادتها..

لذلك هو يعتبر تلك العائلة أسرته، وشهد والدته يحترمها كثيرًا.. ويخاف منها.. أجل يخاف فهي صارمة رغم كل شيء..

ومجرد نظرة من نظراتها تجعله يرضخ لأوامرها, حتى وهو شاب قد تعدى الثانية والثلاثين..

ثم تلك البلوة التي يعلم تمام المعرفة أنها حاكت الأمر بمهارة جعلته وبكل بساطة.. يلبس.. بعروس لا يعرف عنها شيئًا..

زفر بحنق، ثم استجمع شجاعته سيذهب إليها ويتحدث معها وربما ينجو من الأمر..

طرق باب الشقة ففتحته شهد، مرحبة به بتلقائية ثم دعته للدخول، فدلف خلفها، وجلس على الاريكة ينتظرها بعد أن تركته قليلاً، لتعود بعد دقائق محملة بأطباق حلويات وكأس عصير..

أسرع يأخذهم منها، قائلاً:" أنا مش غريب يا طنط علشان تضايفيني.."

جلست بهدوء، ترد عليه ببساطة:" ما هو علشان مش غريب ولا ضيف يا سيف جبتلك ده, علشان عارفاك بتحبه.. كل يا حبيبي.."

زم شفتيه بقوة يمنع حركة لويهما يمينًا ويسارًا بصعوبة تعبيرًا عن ارتياعه،
فهدوئها ونبرة الحنان الزائد ذلك, يوحي بموضوع مقدمته الرفق والمهادنة،

ونهايته الموافقة بطاعة أو التحول لأبلة الناظرة الغاضبة..

ابتسم بتصنع، يحمل طبق الحلويات المكون من بسبوسة وجلاش مصنوع منزليًا..

يرمقها بطرف عينه كل برهة، وهي تراقبه بحاجب مرفوع بترقب..

حتى قالت دون مقدمات:" خير يا سيف مالك؟.."

روفيدة وسيف Dove le storie prendono vita. Scoprilo ora