كومو

405 1 0
                                    

                

نظر إليها بينما ينتظر أن تُفتح بوابة الفيلا، كان وجهها خاليا من التعابير، تنظر أمامها إلى اللوحة المرمرية الصغيرة التي كتب عليها بماء الذهب "فيلا آل سيسليانو"...وانفراجة بسيطة رُسمت على شفتيها لم تُظهر سوى سنيها الأماميين...أمسك بيدها ورفعها إلى فمه يلثمها برقة ... فالتفتت إليه ... نظرت بهدوء استغربه قليلا:

"فيما أنت شاردة؟"

"أفكر" همست بنفس هدوء تعابيرها.

وضع يدها بسرعة على فخده وأمسك بعجلة السيارة يقودها عابراً البوابة الرئيسية ثم أضاف ضاحكا:"هل تفكرين في المفاجأة التي أحضرها لك؟"

"أنا أيضا أحضر لك مفاجأة."

التفت إليها بدهشة ... ربما لم يكن ما قالته هو أكثر ما أدهشه بقدر الطريقة التي قالته بها ... توجس من هدوئها ذاك ... طيلة الرحلة كان هو من يتحدث ويحكي عن الفترة التي كانا بعيدين فيها عن بعضهما البعض، وهي اكتفت بدور المستمعة وأحيانا كانت تجيبه بابتسامة صغيرة ... لكنه كان يقنع نفسه بأن الوقت الذي غاب فيه عنها قد جعلها تعود إلى قوقعتها وخجلها ... ثم يعود ويفكر بأن حتى خجلها لم يكن صامتا لهذه الدرجة... لكن صوتا في عقله نبهه الا يضغط عليها أكثر، وألا ينسى أنها تهرب معه ليلا من الدير لأول مرة في حياتها... لابد بأنها خائفة من أن يُكتشف أمرها هذه المرة ... في الحقيقة هو يعتقدُ بل يجزمُ أنهن قد اكتشفن اختفائها ولابد، وأنهن يتصلن بأخيها الأن.
أراد أن يطمئنها ويأكد لها بأن ليس هناك من داع لتخاف من غضب أخيها وبأنه لن يسمح بأن تعود إلى ذلك الدير الذي تكرهه... لكنه تراجع عن أفكاره تلك بسرعة ... لن يفسد مفاجأته لها... سيصبر أكثر على قلقها الان لكي تكون سعادتها بمفاجأته مكتملة.

"تبدين مختلفة اليوم ... هل أنت بخير؟"

" لأنني من دون زينة؟؟"

"لا...لا" سارع بالقول ... مع أنه في داخله لم ينكر أنه استغرب مظهرها اليوم ... عادة ما كانت تميل الى التزين وأحيانا بشكل مبالغ فيه عندما تقابله وخصوصا إن كان موعدا غرامياً مخططا له.

"انا أحبك على طبيعتك." ثم أردف مسرعا يصحح بنبرة سادها التوتر:" طبعا أنا أحبك حتى عندما تكونين متزينة ... إنني أحبك بجميع حالاتك."
نظر إليها بعد أن أوقف السيارة وكانت هي الاخرى تنظر إليه صامتة...

" لن أنكر أنني أفضلك على طبيعتك أكثر" اعترف لها أخيراً بثقة أكبر.

نظرت إلى وجهها في المرآة الجانبية ... عندما لمح نظرة عدم الرضى في عينيها ... غيّر الموضوع موقنًا في نفسه أنها تحتاج الى العمل على ثقتها في نفسها وهو سيساعدها مستقبلا على هذا... لديه الكثير من المخططات لهما معا، لكنه لن يتسرع، فالحياة كلها لهما ابتداءاً من الليلة.

 باب البحيرة . ماروسكا (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن