سيشيليا

78 0 0
                                    

في الطائرة كانت تجلس بجانبه وهو يعمل على حاسوبه الشخصي .. كانت طوال الوقت تتأمل الخاتم الكبير في أصبعها وتديره بيدها الاخرى .. كانت الماسة كبيرة وثقيلة، تبهر الابصار .. غير مصدقة من أنه قد طلب يدها بعد أول ليلة تقضيها معه .. عندما استغربت تسرعه، أخبرها بأنه لا يملك وقتا لتضييعه .. هو يحبها ويريد أن يمضي بقية حياته معها .. حتى أنه أخبرها بألا يستخدما موانع حمل في المرات القادمة عندما يمارسان الحب .. إنه يتوق ليصبح أبا. نظرت إليه وهو يعمل .. كانت سعيدة، سعيدة جداً  وتشعر بأنها بالتأكيد ستحب هذا الرجل.
وحتى عندما أخبرها باتصال الدون به ودعوته لحفل غذاء على شرف وصول أخته وحفيده لبيت العائلة في صقلية .. وطلب مرافقتها لم ترفض الذهاب معه .. ونظرت للخاتم من جديد والذي به ستعود إلى صقلية، صقلية التي نسيت بأنها سبق وكانت فيها في ظروف عجيبة.

عند وصولهما إلى العاصمة صقلية وجدا سائق فابيو الخاص قد سبقهما إليها وكان في انتظارهما .. بدا لصونيا أنه فعلا لا يفارق فابيو إلاّ لماماً. قاد السيارة بهما إلى خارج مدينة باليرمو في براري صقلية حيث كانت الاراضي خصبة وغابوية وأحيانا أخرى تميل للتصحر ويكثر فيها نبات الصبار وثماره. اقتربوا أكثر من مدينة قطانية لكنهم لم يدخلوا اليها بل قاد السائق السيارة في اتجاه بركان إثنا .. البركان الذي قال جوليانو عندما كان يوصلها إلى مطار الجزيرة إنه ولد تحت قدميه ويوم ولادته كان البركان غاضبا، غاضبا جداً!
  فكرت بذلك قبل أن يجذب انتباهها تخفيف السائق للسرعة في طريق كانت سيارتهم وحيدة عليه.. تحيط بهم من كلا الجانبين أشجار الليمون والحمير تحتمي تحتها من الشمس الحارقة ونباح الكلاب يصل إليها من نافذة السيارة التي كانت قد تركت جزءً منه مفتوحا.

تسارعت دقات قلبها، وأدارت الخاتم في يدها بتوتر عندما توقف السائق أمام بوابة كبيرة عليها حراس كُثر. اقترب واحد منهم للسيّارة  وكانت بطنه بارزة بشكل ملفت وشعره أسود ملمع كما أن رائحة عرق قوية فاحت منه عندما أطل عليهم من نافذة السيارة .. انتقل بنظراته عليهم واحدا واحدا: للسائق ثم لفابيو وبعدها إلى صونيا .. قطب جبينه لكنه رفع رأسه وأشار للحراس بفتح الباب. ولمحت صونيا نظرة فابيو الساخرة يتبادلها على المرآة الامامية مع سائقه، الذي تحرك الى الداخل على طريق  طويلٍ جداً .. كانت تلك كلها ملكية خاصة سهول شاسعة لأشجار الزيتون الصقلي والليمون والبرتقال الاحمر الايطالي واليوسفي. كان البركان يظهر من بعيد في الافق وتحت قدميه كان ينتصب بيت كبير بدت جدرانه قديمة وبسيطة ولكن ما إن اقتربوا منه حتى دخلت السيارة بين أعمدة رومانية بلا سقف وهناك كانت ساحة في وسطها نافورة أمام البيت الريفي .. فغرت صونيا عن شفتيها وهي تتأمل تلك الكمية الكبيرة من العروش المتسلقة حول الدرجين الحجريين .. واحد عن اليمين والاخر عن الشمال والاثنين يلتقيان عند باب البيت الداخلي .. كانت كل تلك العروش مليئة بورود الجوري المتشابكة فيما بينها لكأنها كانت في عناق سرمدي .. وكل تلك الورود كانت حمراء، حمراء كلون نبيذ بركان إثنا.

 باب البحيرة . ماروسكا (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن