١٧: الكون: رغباتنا

46 2 20
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

●●●

‏أمانينا بحجم الكون.
كيف لي أن أصف لك حجمه وأنت لم تره يومًا؟ سأحاول حظي في الوصول إليك يا صغير، فهل رأيت السماء؟
هو أضخم.
وهل رأيت المحيطات؟
هو أعمق منها،
وأما عن الصحاري فهو يهزمها.
يمتلئ ذلك الكون برغباتنا وأمانينا، وصرخاتنا،
وصرخاتنا،
وبصرخاتنا مع أحلامنا.‏
نرى أحلامًا لا تولد ولو تعرقَ الجبين واختنق الوتين، فتسقط لأننا اعتقدنا أننا نستطيع توليدها.
وتذبل،
تذبل حدَّ أننا نعتقدنا في صحراء أبدية.
دون أن ندرك يا صغير أن عرق الجبين واختناق الوتين ما هو إلا رفع خنصرنا في هذا الكون المليء بنا وبقوة خيالنا الجامح،‏بنا وبأفكارنا الأقرب للتحقق والأبعد عن الوقوع، داخل الكون المغدوق بربيعٍ داخلي وشتاءٍ قحط فارغ.

الأمر أشبه بأن تتشبث بورقة وبقلم وأنت ذو السادسة عشر تحاول أن ترسم والدتك الجميلة في لوحة، لكنك لا تقدر، تعرف بأن لا يدك مستعدة، ولا نفسك قوية كفاية.‏

فيا صغير، تشبث بأحلامك، القريبة البعيدة، تشبث بها كأنها معك، وإن زالت تخيلها متواجدة، وإن ماتت في الولادة تخيلها روحًا تطوف حولك لتطوقك بريحها العطرة؛ فالكون ممتلئ بنا وبأفكارنا، وفارغٌ من سوى ذرة من محاولاتنا.‏

يا صغير، أتسمعني؟ أمازلت حيًّا لتفعل؟
أعلم أنك قُتِلت كثيرًا حدَّ أنك اكتفيت من أن تتأمل
أعلم، كما أدرك أن أمنياتك هي دومًا من تسلم
فمهما رُميتَ بالغاز المميت، وبالقنابل
مهما طارت فوقك الصواريخ، أنت تَسلم...
يا صغير... أنت تسلم...
أمانيك لا تسقم
دعواتك حية لا تنضب‏
حتى وإن كنت تلفظ آخر أنفاسك، أنت تأمل
أي: وإن كنت تألم أنت تأمل.

_____________________________________

لا تعقيب على هذا النص سوى السلام ورغبة جامحة بأن تدعو معي لوطني: الصومال، ولأوطاننا بالصلاح.

كلُّها يُسرWhere stories live. Discover now