08

27 7 0
                                    

حمشت النار بفؤادي فتآكلتُ من لهيب الخطايا المكدسة ، تناثر رمادها فأعماني و أماتني ألف واحدة خاسئة ، جزمت أنني أملت عن الصواب و سرت بدرب زلات عقلي التي لا تغتفر ،لم أكن جميعة الرأي و  خالفت الثوابت راكضة  صوب ثغره مؤصدة إياه حتى لا يتنسى لي سماع ما لا أود سماعه، أطاعني و رضخ لجوري و هو شامخ بطوله عزيزا أثيلا .

استقضَيت مساعدي لينغ أمر تجميع ما قد يقود بصيرتي للنور ، حمَّلته مشقة البحث خلف تلك القضية التي ما فتئت تتركني أهنئ بنوم ساكن، أتى إلي بعدها يبدي شكواه من نقص ما يستدل به تماما كأي مسألة عوصاء ، فقط بعضا مما أذيع بيوم الحكم و لا شيء أكثر من ذلك .
قررت الإستعانة ب شين باي فهو لذو مكِنة من الناس و  عليه سلطان و قدرة على البحث خلف ما هو خفيّ كونه سياسي ماهر و مرشح لرئاسة الصين. أعلمته بأمري و قبِل بصدر غير رحب،  عرفت ذلك في معراض كلامه و لم أعر كرهه على الشيء اهتماما فجل همي هو بلوغ الحقيقة . 



"هلِيّ أعرف وجهتك منذ حواجِب الصّبح ، جين؟" 

سأل شين باي مقطبا حاجبيه و مميلا نبرته للّين و الهدوء ،دنوت فأُجابِه طوله الذي يفوقني قائلة بايجاز.

"للسجن"

كشف عن عدم رضاه مكشرا ، تخطيته قاصدة وجهتي التي باتت كقِبلتي و ملجئا لطمأنينة فكري .

استوقفتني غلظة صوته و كأن الشجَن أبَحه ، رادفا  .

"أيمكنني نهيك عن هذه الزيارة و لو لمرة ؟ أبصري حالنا جين! سنقترن  في القريب العاجل و لا زالت أمورنا غير مرتبة ، بالكاد أشاطرك كلمات معدودة بوقت بمقدار لحظ العين .
أيمكنك التخلي عنه قليلا في سبيل إيفاء حقك بي؟  " 

استقرت مقلتاي بخاصته ، ملتمسة صدق الكلام عبرهما ، قد يكون قوله صائبا لكن تفضيل البحث خلف ما طُمس لا يزال أولوية قراراتي، حتى لو اضطرني الأمر لتأخير موعد عقد قرآني. 

حطيت كفي على كتفه عله يفهم عذري عبر دفئ أناملي ، متكلمة بحزم .

"لا يسعفني فعل ذلك ! أتقدر على اغماض جفنيك إذا اقترفت حوبا عظيما؟ أدرك بصميمي أنك تتفهمني فأنت أصيل  . صلّ من أجلي عسى أن تظهر الحقيقة قبل فوات الأوان " 

ابتسم مزينا ثغره ثم هز رأسه بتفهم مفرجا عن كلماته.

"تذكري أن في قلبي مَوضِعَة لك . اذهبي له"







دلفت الغرفة أحمل بيدي كيسا ، استقريت على الأفرشة و شرعت في فك العقد مخرجة ما بجوفه ، طرفَ بصره ناحيتي مستغربا ممّ جلبته معي .

"أرجو أن تقبله مني ، أعددته بنفسي لك " 

قلت و أنا أدنو قربه مادّة له الوعاء ، أُتّي لي أنه سيقذفني بكلمات لاذعة أو يرفض على الأقل ، لكن إقباله فجأني ، شرع يتحسّى الحساء كمن أهلكه البيد من الطعام، دون النبس بحرف ، يغترف مقدارا ثم يرجع لشرود ذهنه . ضممت كلماتي لي أنا أيضا و التزمت الصمت ، رأيت أن الأمر لا يدعو للملل فهو حسن الرِّقبة كغلام وديع . 

"أتراك هنا مع هذا بدافع الشّفقة؟" 

تكلم مشيرا للإناء بملامح فارغة لا توحي لشيء ، صوبت حدقتيه مجيبة بنبرة متزنة.

"بل بدافع معرفة ما بجعبتك من كلام مكتوم ، أيمكنك الإفصاح عن حقيقة المسألة ييشينغ؟"

ابتسامة ساخرة رسمت على ثغره كأنه يشكك بقولي و يفند ما قد أتيت من أجله ، ربما رد فعله يوازي ما اقترفته فعلا. 

"و ما الذي سيتغير ؟ سينفذ الحكم في غضون أيام و لن تضطري بعدها للقدوم مجددا لتلبية الزيارات ، مقصد كلامي أنك ستضفرين براحة البال و هذا هو مرادك جين " 

حديثه المسترسل طعنني خناجرا و سيوفا بحدة الألم الذي يقطن بي ، لكنه على غير صواب ، مرادي تغير و حاز عما كان قبلا ، أبغى الحذو على الطريق المستقيم و  تغيير مسار العدالة إذا كان منحرفا  .

"أنت تظلمني بقولك هذا ! " 
"فقط انسِ و امضِ قدما ! إذا كان موتي راحة لك فسأضطر لقبوله بصدر رحب " 

تكلم مضيفا لجراحي ما يزيد لهما ثُمالا ، تجاحمتُ و هززت رأسي أنفي و أدحض ما يراه بي . تلاشت الذرائع التي أشد بها أزري و أتكئ عليها لأجد نفسي أهوى في القاع و قد فُكت رباطة جأشي و حيلت إلى غير ذلك ، اندفعت العبرات تخطو دربها على خدّي الأسيل على غير دراية مني ، كأنني ثملت و جهلت أفعالي . تركت العنان لهما لعل فؤادي يجازى بالخلاص .

شعرت بكُله انثلّ علي ثم احتازني إلى نفسه بساعديه الثخينين، تبسّلت له طوعا بالرغم من كون الأمر كله خطئا  بخطئ، أردعني قتيلة بحضنه و قد قبلت جاهلة للعواقب.
















ما أحب أضيف تعليقات بنهاية الفصول بس حبيت أعرف رايكم؟

أَصْفَاد بكين Where stories live. Discover now