09

28 7 0
                                    




ما يكمن من صدق في القلب يستحيل أن يبلغ الحلقوم و لو بعد سنين مديدة .

نبذت نفسي كوني أتواري خلف جبني. أدركت أنني فوتّ الكثير و لن أقدر على مواكبة الزّمان مجددا . تقت لإعطاء الرجل بداخلي فرصة للمضي في درب سويّ غير دربي المحفوف بالصعاب هذا لكن الإخلاص أعاق خُطاي و عارض أن أكون خِلو البال و لو قليلا .

رجعت بوتيرة متثاقلة بضع خطوات للوراء و أنا أبصر المياه تعود لمجاريها ، عزمت حينها أن أتناسى ما يكنّه أيسري لها و أستمر بكوني خدوما لها و موضع ثقة تستند عليه ، عارضت فكرة إبداء الدفئ  الذي يحتجاحني بقربها   فأنا لست سوا أقل منها درجة ، جاها و علما لكني بالمقابل أحببت حمايتها و تشيد حصن منيع يقيها شر البهائم الجائعة  . 

كانت إرادة السماء بعدها أن يحسم أمري تجاهها و ألا تكون خالصة لي ، ضاق صدري و ما أبديت ذلك يوما ، ظهر ذلك الشاب الموقر آسرا عيون آسرتي و طالبا يدها للإقتران به بزمن ليس بطويل على معرفتهما ببعض، اختلج في صدري البعض من عدم الإرتياح له لذلك هرعت للبحث عن خلفيته ، وجدت أنني لم أستحصف الرأي فكل مُجلد جابته عيناي و كل ما استدللت به يمدح حسن ما يتسم به و يصفه بالرجل الحُنك تماما كما شهدت عليه مقلتاي . استودعته إياها كرها فمن ذا الذي سيكرمها أكثر من شهم أصيل ذي مِكنة و علم . طويت هذه الصفحة و تعهدت لنفسي بإحيائها ما إن يحيطها ما يفزعني منه.





فرغت من مهامي و تفرغت للمهمة الوحيدة المتبقية ، هممت لإقالة السيدة لي جين من السجن الذي أضحى رفيقا مخلصا لها، جهدها في تبيان الخيوط المبهمة أهدرها وقتا و صحة .

كنت قد بحثت خلف تلك القضية و لا شيء جدير بالذكر سوى مقتطفات من تسجيلات عدسات آلة التصوير الملتقطة من المجلس الوطنيّ المعروضة يوم النطق بالحكم ، عزّزت جهودي عسى أن آتي ببشرى لها تترفع بها عن حزنها  لكن الأمر برمته أشبه بمتاهة فإما يكون هو يُخرّق الكذب عله يضفر بالعفو أم أن الجاني الأصليّ تخفّى بالدلائل باحتراف بليغ.

خشيتُ أن أعلن لها عن وجود ثغرة ضئيلة بالمسألة فتهلك من الإنتظار دون جدوى تحصد ، لست أخطط لإعلان الأمر بعد ، فكلّ ما جنيت ، قائمة اتصالات المغدور الضائعة التي وصلتني بشق الأنفس و التي أفادت أنه كان دائم التواصل مع الرئيس الياباني شي تاه .

لحد الآن، أبصر الموضوع من زاوية بعيدة عن الشك ، فهو أمر وارد أن يبق الطرفان على تواصل في ظل المشاريع القائمة بين البلدين لكن التحقق لا يزال قيد الإجراء و مصمم على بلوغ أربي عاجلا .

استيقظت من غفلتي بعدما غمر شذاها المركبة معلنا عن ركوبها ، رسمت ابتسامة دافئة على ثغري ثم تكلمت.

"هل من نبأ سارّ سيدتي"

همّت بوضع نظاراتها الشمسية داخل حقيبة يدها  ثم أجابت بخفوت.

"أخشى أن أكلفك تولي أمر عسير آخر ، لينغ ، مدركة أنك لا تنال حقّتك من الراحة لأجلي لكنّه للتو ذكر أن له شقيقا و يشكّ أنه من أطاح به ، تحقق من هذا رجاء " 

نفيت برأسي ثم قلت.
"سيدتي هذا عملي بالفعل و أنا ضربت وعدا للسيد الراحل أنني  بغيابه سأتولى أمرك مهما عَسر " 


انطلقتُ بها نحو مسكنها دون النبس بشيء  عدا ما قلته ، رُحت بعدها أنا الآخر في حال سبيلي أتحرّى عن مطلبها ، غايتي هي حسم الأمور عليها عاجلا عسى أن يرتاح ضميرها و تلتفت للسعي خلف استقرار حياتها   ، فيكفي ما هدرته لحد الآن من دمع و عرق .

أَصْفَاد بكين Where stories live. Discover now