13

23 6 0
                                    



روّضت نفسي على المثابرة منذ نعومة أظافري و لم أدع اليأس يتكمن مني و لو كنت على شفا حفرة لخضوعي تحت رجس الشيطان.

تبدد ما ارتكّ في داخلي من ظنون و حيل إلى يقين أدركته بوقت متأخر عن أوانه، لم أكتف بذلك و إنما ظهر نسيج تشابكت خيوطه فغمرت فكري تيها و ضياعا : من تأسّلتُ به غدر بي لحد عجزي عن استيعاب أمر اتسامه بالزندقة ، كنت غافلة عن حضور هرج قناعه المتواري خلف العظمة ،طيلة  أزيد من سبع و عشرون خريفا ، حسبته مرجاحا نزيها و لم أر يوما عيبا في كمال سماته .
تلك المنزلة التي أعددتها له بفؤادي ، بكيتها كثيرا و لم أرثوها فهي تضل سرمدية كما هي مع شوائبها مهما ركض الزمان .








حَضر مساعدي حاملا بجعبته ومضات أوفر من طيات تاريخ والدي المخزِ ، مُجلدات ، تسجيلات و صور ضمّت  لقاءاته مع أبناء العدو  ، ما كنت أأمله و لو بمقدار ضئيل ، أن يكون تهافته على بيع الوطن ليس بمحض إرادة منه و إنما كرها و إرغاما بيد أنني جوزيت بما لا يتوق قلبي إليه و نزل الخبر يسُمّ بدني كالطامة .

"حُرِيَ بي ألا أدع الأمر يصل بي لإدراك الفواجع من الأخبار على استرسال هكذا . لينغ ، أترى الصواب من الخطأ؟ فأنا ما عدت أفرق بينهما!"  
أفرجتُ كلماتي بخفوت ، و قد شرد بي الذهن حاملا شتاتي بعيدا ،  توسطت دربا مدججا بالبؤر ،و جهلت أين أسوقْ قدماي فقد ضللت في وضح النهار .

"أنا ممنون أنه مدك بعيش فاره و خلق سام ، على الأقل  وفى حق طفلته و أتقن دور الأبوة على أكمل وجه" 

تكلم و مقلتاه رسمت يأسا و خذلانا ، هو أيضا حاله من حالي ، كيف لا يفعل و قد فداه بعشر سنين واهبا له عمره و شبابه .

"سيدتي ، محيط أنه أهلكك كل هذا ، إلا أنه لا زال يتوجب عليّ إعلامك أن القضية باتت أكثر تعقيدا، فلو تقدمنا بهذه السندات للمحكمة بغرض الطعن في الحكم و تبرئة زانغ ييشينغ، قد تضطر لزجّك أنت أيضا بتهمة المشاركة في الخيانة  و اقتحام سجلات الجيش السرية دون إذن من السلطة، مع إبقاء الحكم بالإعدام على الآخر كوننا لم نتمكن بعد من رصد الحلقة الواصلة بينه و بين مسألة اغتيال والدك …
حتى لو بدّدنا أمر اعتقالك ، فإن الشعب لن يبد لك رحمة و سيسعى خلفك متعطشا لإراقة دمك و الأخذ بثأر الصين من فعلة السيد الراحل " 

ألقَ الكلام على رُسيلاته فاندثر بصيص الأمل الذي اقتتُ عليه مؤخرا، لستُ مهتمة لأمري فأنا آخر همي ، لكن الركض كل هذه المسافة دون حصد أية منافع تقيه شر الموت بسبب ارتجالي برأيي ، يضيَّق علي حد الإختناق ، كيف عساني وصل عيني بعينه ؟

الشعور بالخزي يحاصر أيسري فيجعله مضطربا . ارتميت على الأريكة عسى أن أسند عليها ثقل روحي فيخف .دلف خطيبي المكتب ، مقاطعا خلوتي بمساعدي دون استئناس .

"جين ، فلننطلق الآن ، أظن أنه آن الأوان" 
قال بنبرة وديعة لأقطب ما بين حاجباي مستفسرة عن مقصد حديثه فأنا لا أتذكر أنني ضربت له وعدا في مرافقته لأي مكان.

"لاقتناء زيّ العرس . أنسيتِ؟ "
أردف مقلصا خطوه صوبي ، أحكم إمساك رسغي و جرني خلفه ، قاومته مرددة أنه يجدر بي إتمام ما هو مُعلّق لكنه أجاد تمثيل دور الأصم . 

حاوصني الظلام من كل حدب ، أنفاسي تثاقلت و لم يعد بمقدروي كتم غصتي ، أحيط بي سرب من ذكريات تجللت بها غرز من وجع فضيع ، و كأنني رهينة شيء أجهله ، خلت أنه رُبط على قلبي بالصبر تماما ككل مرة أجابه ألسنة حرائق شتى بيد أنني لم أصب فأنا أحتضر و يضل السبب سؤالا يتردد إلى بالي. 

أَصْفَاد بكين Where stories live. Discover now