16

25 6 0
                                    




ترجّعت في نفسي الكثير من وساوس الشيطان مؤخرا ، كون السيدة محاطة بالكثير من الولاة و ربما مستهدفة من قبل ذوي القلوب المريضة ، ولّد بداخلي عزيمة أكبر على بلوغ النتائج في القريب العاجل بيد أنني عرفت فتورا طيلة آخر يومين ، قد أبْدِ رباطة جأش تضاهي خاصة الملوك ، أتعثر و لا أدع مجالا للغريب أن يغتنم سقوطي لصالحه لكن حين يتعلق الأمر بمن ملكت قلبي أستوي و المستضعفين من الرجال فما أجيد الصواب .










تراكض الماحلان و هاقد بلغا اليوم الموعود، تتقدم بالممشى بحلتها البيضاء البراقة وهي تتأبط ساعد شريك حياتها بخطوات رزينة و متثاقلة ، انقبض فؤادي بالرغم من أني سعيت جاهدا لترويضه و جعله يتأهب ليوم عسير كهذا و ها قد رضخ راكعا بقوى خائرة و لا يقدر على الصمود، ترقرقت عيناي بما أثقل عليها من هوى غير مباح و ابتلّ خدي غير آبه لكبريائي المذلول.


انطلقت بغير سبيل لأنفرد بنفسي و أعزيها على فقدان جزلة من روحها ، مرددا أنني سأنجو من أمري هذا و لن أدع الأسى يطغى على فؤادي فيبيده و هو بطليعة حياته.

رن هاتفي معلنا عن ورود إتصال يحمل نفس رقم يوم أمس الذي رفضت الرد عليه، أفكر فقط لو امتلكت إنسيا يتصل علي بزمن عصيب كهذا ليطمئن عن حالي لا ليزودني بما يَسُمّني ، مسحت ما انسكب على وجهي و استقبلت المكالمة بصدر غير رحب.

"معك الرقيب وانغ من السجن الحكومي لبكين ، أنت المدعو لينغ ، صحيح؟"

تنهدت و أكدت كلامه باختصار شديد فلساني قد حثر و نسي إفلات الحروف على الوقع السويّ.

"لنشكر السماء كونك تنازلت قليلا عن منزلتك و أجبت أخيرا ، على كلّ الخائن يطلب رؤيتك  دون علم السيدة و زوجها و ليكن بعلمك أنها آخر خدمة أسديها له حتى لو قمت بتوصيتي عنه مدى العمر فأنا لست شخصا متفانيا كما تعلم "

أقفلت الخط و قد تملكني الأسى ، فها أنا ذا  لا أملك الوقت حتى لعزاء روحي و رثائها في مأتمها هذا ، كل ما بداخلي منقبض و يتخبط من الشعور بالتيه لوهلة .








دلفت الغرفة و تقابلت و إياه بعد طول غياب ، دعاني للجلوس على السرير و قد قبلت ، مقلتيه تروي تلهفا على إفصاح شيء ما بخلده و كأنه في عجلة من أمره .
"أتمّت مراسم الزواج؟ "

تكلم و هو يتفحص وجهي أما أنا فما ترمرمت بحرف ، أجبته بإيمائة ليسترسل قائلا.

"بإمكاني سرد الحلقة الناقصة من القصة ، شرط أن تضرب لي وعد رجل شريف في حمايتها"

"أمر إبقائها تحت جناح حمايتي لا أنفذه بدافع الإيفاء بالوعود و إنما بدافع غلاء منزلتها عندي ، لذلك باشر كلامك و لتزح الهموم عن عاتقنا فلم يتبقى سوا ثلاث أيام عن تنفيذ حكمك" 

ألقيت ما عندي بنبرة يتجللها الخذلان ، راودتني الكثير من الأسئلة حوله بيد أنني تركت له المجال لإفصاح عما سعيت جاهدا له .

"قضية لي تايهي كانت ذات أعمدة غير صلدة ، اختلج في صدري الكثير من الإرتباك حوله قبل اكتشافي لما يصبو إليه، عرفت أنه يحيك خططا لبيع الوطن و تقديمه على طبق من ذهب لأبناء العدو في سبيل السلطة، أبقيت ناظري عليه لفترة ليست بالوجيزة من الزمن، ثم بعدها أدركت أن هناك من تدخل للإطاحة به و عرض إمتيازات أكثر اغراءً للطرف الآخر و التي تمثلت في وهب العديد من الجزر الأخرى غير شانتشوان مقابل المساعدة على توليه رئاسة الصين ، و قد كان ذلك بدافع الضغائن و الثأر ب لي تايهي ، قبل أن تكون الذريعة الأصلية هي الإستيلاء على أموال الأمة جمعاء، لذلك همّ هذا الخائن  في حياكة قصة أوقعتني أنا الآخر كونه لا يكن لي ودّا منذ الصّغر و ق.."

قاطعته و قد أبدت تهجما عليه .

"بحق الإله ! أنت على معرفة بكل تفصيل و فضلت الصمت ! أنت تقودني للجنون يا رجل"

أغمض عينيه ثم عاود فتحهما قائلا.
"لم أرَ أن إظهار حقيقة تايهي ستنفع المجتمع ، و إنما سيظهر العكس، الشعب لن يرحم جين و سيتهمها بالخيانة ثم سيسعى خلفها للقضاء عليها كونها من نسل الخائن ، فضلت وهبها روحي في جو ساكن على تقديمها للصينيين" 

أَصْفَاد بكين Where stories live. Discover now