17

23 6 0
                                    


من السهل إلقاء اللوم دون الخوض في متاعب المُلام ، برَح السرير واقفا و هو يجحمني بعينيه كأنه يتوعد بي الموت.

"فلتعنك السماء ألف لعنة ، و لم أطبقت شفتيك عن حقيقة الخائن الآخر؟ أتعلم كم من ليال شهدت على أرقي و أنا أحقق في أمرك"

"هل أنت قليل فطنة؟ هذا من ذاك و سيؤدي التوغل في الأمر إلى التوصل إلى كل ما هو مدفون تحت استواء الأرض" 

قلت و أنا أقف لبلوغ قامته إلا أنه جعل جسدي يرتد للخلف و هو يلكمني بقبضته على كتفي ، صارخا بي.

"و ماذا عن الجُزر؟ أرضيت أن يتم بيعها و إبقاء الأمر سرا معك و أنت موقن أنه لا يعلم بالأمر إنسي سواك؟"

"شين باي يفوق الخبث درجات و لن يتنازل عن جزر سياحية تجني أموالا طائلة على مدار الحول لأيّ كان  ، أعرف جيدا وعوده التي لم يصدق إيفائها و لو لمرة ، و أنا متيقن أن العقود الممضاة من الطرفين ما هي إلا تزوير منه و .."

قاطع كلامي بعدما أراعه ، متأكد أنه لم يخطر بباله أن يتم ذكر ذلك الخسيس و لو بزلة لسان ، من الصدمة التي تعتلي وجهه أجزم أنه أتقن دور النزيه الفطن ذي الوقار المبجل و قد استقطب عددا لا يحصى من أعين الناس المنذهلة من عفته و حسن أخلاقه .

"أقلتَ شين باي؟ إنه .. إنه .." 

همّ بعدها راكضا جهة المخرج إلا أنني استوقفته صارخا.

"يجدر بك التزام الصمت هذه الفترة و إلا فإنه لن يبد رحمة لجين و سيتخلص منها كما تخلص من والدها ، أمَّنتك حمايتها و ستفعل و تخرجها من الأمر كما تخرج الشعرة من العجين" 

استدار صوبي و هو ممسك برأسه من شدة الصداع الذي اجتاحه، ارتمى على السرير بفتور ثم قال.

"كله خطئي ! أنا لم أخدش جيدا في خلفيته قبلا ، تنازلت له عنها و قلبي منقبض، لم أتريث في أمري و بعثتها له بتسرع مني "

تحلّبت عيناه و كم هو عسير أن يروي الرجل فاجعته و هو يمسح ما فاض على الضفتين بقلب مصفّد بأغلال تثقل كاحله فتقوده للتعثر على الهاوية ، لمحت ذلك الكسر الذي أجاد إخفائه ، رأيت نفسي فيه ، تماما كما سُبِق على أمري من قبل ، أجهل ما الذي فعَلته هي حتى تحصد قلوب الخلق و توقع بهم هكذا.
ضربته على كتفه بلكمة قوية و أنا أدعوه للثبات فهذا غير لائق برجل بمقامه.

"كفاك حسفا على نفسك  ، هو ليس من النوع الذي لا يطمس الآثار خلفه، إنه شيطان متلبس بصفة إنسيّ، ما يهم الآن هو إبعاده عن جين دون دراية منه "

أفرجت عن كلماتي و أنا أدعو بخلدي أن تكون بخير لحد الساعة ، هوسه بالشر قد يضر أبعد مخلوق عنه ،لذلك يتوجب علي أن أشهد على خلاصها قبل يوم إعدامي .

استقام من مكانه ململما شتاته ثم قصد الباب قائلا قبل خروجه.

"سأنصرف الآن ، قد تكون هذه آخر مرة نرى فيها بعضنا البعض ، لذا أتمنى أن يكون لقائنا القادم بمكان أفضل " 
ابتسمت بوجهه لينطلق بخطى متسارعة يُغيث سيدته.

انحرف فكري عن خط ما يجري بالوقت الراهن و استقريت على حبال عدت و مضت منذ زمن ، أين كان شين باي يسعى جاهدا أن ينال رضى والدي دون نفع يُحصد.
ربما سوء أفعاله ماهو إلا نتيجة للردع الذي تلقاه سابقا، حيث أن الراحل أبي لم يقدر على الإعتراف به و وهب إسمه لطفل غير شرعي ترعرع بالشوارع ، فضلني عليه و قد أظهر هذا علنا ممّ جعل الآخر يكن لي كما زهيدا من الضغائن ، برح البلاد مهاجرا مع أمه  ، أخمن أنه تلقى التعليم الجيد باليابان نظرا لبلوغه قسم الرئاسة الحالي أو ربما يكون قد حضى بشخص تكفل به و بأمه فأنا لم تصلني أخباره منذ عقود ، من أجل هذا حاك تلك الخطة الخسيسة لأقع ، ما يجهله أن انتصاره هذا ليس بذريعة سرعة بديهته و إنما بسبب تمسكي بحياة من وهبتها قلبي ، كونها تفوق معزة حياتي لي أضعافا و  لست بنادم على هذا.

أَصْفَاد بكين Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang