15

27 6 0
                                    



رَثَأ الغضب بي و استغلق عليّ الكلام بعد الذي سمعته أذناي ، التمستُ لوما بمقلتيه و عتابا أجاد كتمه ، ظهره الذي يوليني جزم لي ندمه عن الإفصاح عن أمره بتهور، هو يجيد  نقلي من كفة إلى أخرى دون أدنى شعور مني ، ارتفع منسوب فضولي بعد حديثه و رحت أحيك و أفك خيوط ما  قصده دون بلوغ النتيجة .

أرمأتُ إليه ببطئ بليغ و رحت أبحث عن عيناه داخل وجهه المتواري عني.

"ما كان قصدك ييشينغ؟"
كلمْتهُ لكنه لم يرمرم بحرف كأنه أقسم عن ذلك.

"أتخشى عليَّ و نفسك أولى بذلك؟" 

"فلتنصرفي رجاء " 
قال و قد أبدت ملامحه قليلا من الوهن و العجز، أيخال أنني أقدر على برح المكان دون معرفة ماكان يرمي إليه بعدما أعاث في نفسي خرابا .

"أيسعك عدم الفرار من سؤالي رجاء؟"

قلتُ بقلة حيلة و أنا مدركة بصميمي أنه لن يفصح عن الأمر ما حيّى ، فكرامته تنهاه عن اقتراف ما يذلها.

"سأتزوج غدا" 

انسحط القول من ثغري دون مشاورتي على ذلك، أحكمت إطباق شفتيّ معاقبة لساني على زلته التي لا تغتفر .

تسللت حدقتيّ نحو خاصته فتبصر لمعة دهشة، و بريق انكسار و كأن الأمر استرزغه .حرك فاه  قائلا بصوت لا يكاد يسمع.

"لا أقدر على مباركتك ، اعذريني"

راود فكري الكثير مم أود  فهمه منه ، لم أعِ على حالي و أنا أربِّقه بساعديّ  و كأنني أسترقُّه أسيرا بكنفي الوحيد، لستُ أختا بالكنيسة كي لا أقدم على إثم حثني عليه قلبي و ليس ربيطا أو أبا حتى لا يجاريني في غفوتي هذه ، هنيهات نعمت بها قبل أن يردعني عنه بلطف ، أرضك عينيه فسبقته للحديث .

"ألا تقدر بذريعة الضغينة صوبي؟"

أرتأ ضحكه ثم قال ساخرا .

"لم أعهدك مرثوءة لي جين"

هو رجل مدجج بأشواك تقيه شر الذي يتربص به سوءا ، يجيد قيادة نفسه لأسمى المراتب رغم كونه مُزجا تحت سلطة الزّيغ و لا يقبع راضخا مهما ران الأمر . حذوتُ حذوي صوبه عسى أن يسد ذلك ثغرة فضولي حوله ، لا أقدر على تسميته فضولا فقط، فهو شيء يتعلق بي و به بنفس الرابط ، أحطت بالمنحدرات التي تعيقني عن بلوغه لكني بقيت على إصرار، أما فهو لم يكلف نفسه عناء نزول درجة من كرامته لأستوي وإياه على نفس الدرج.

روّضني و قلبي بما قاله سابقا عني و عن إنصافي و قد كان ذلك بمثابة كف طبع على خدي بقوة فرافق بي لأستفيق من غفلتي، رجعت للمسار الصائب بعدما انحرفت كثيرا و أنا شاكرة للسماء كوني لم أتمادى في الغلطات أكثر .
رمستُ بعدها ما خلفه بي من قلب عليل ، و فنَّدت لُبّه مرددة أنه مجرد تأنيب سيضمحل لحظة رفع الحكم عنه و إطلاق سراحه للحياة التي عهدها بيد أنني و بهذه الأثناء ، أعلن فشلي في تأديب خفقاني و قد رحبت بالخسارة عن قناعة.

استيقظت من شرودي على وقع سعاله ، قاربت خطوي صوبه ثم أحطت بدنه البئيل بكفاي الضئيلين بغية إسناده على السرير،بوجهه شحوب يوحي للمرض و هزاله يغمرني علّة. 

"كفي عن نثر جزالا منك عليّ، فأنت  على ذمة آخر"

أفرج عن كلماته ساحبا نفسه منيّ و قد رَمُز فؤادي بذلك،  هو مُجد عندما يتعلق الأمر بردعي عنه و إهانة روحي كأنني قطعة رثة .

"أنت مريض"
قلت و أنا أتفحص معالم وجهه محاولة دراسة ماقد تكون عِلته. 

"سأموت على أيّ حال، لذلك حري بك الإنطلاق بصدد لحاق ترتيبات زفافك" 
تكلم  و بنبرته شيء من الأمر و الغضب، عاندته و بقيت على حبل إصراري فأنا امرأة لا تخضع للأوامر و لن يكون إقناعي بذلك  هينا .

رَبَعتُ بدوري على سريره و قد أوليته وجهي موجهة له نظرات تحدٍّ تنافي سؤله، صمتُّ دقائق قليلة أنتظر هدوء حاله الذي لم يرق مقلتيّ ، أجهل ما الذي أوصله لهذه الحال فأنا أوصيت به بعد يوم الحكم و طلبت أن يزَوّد بالطيب من الطعام و المعاملة عسى أن يهون عذاب ضميري لكن سوء وضعه يسرد عكس ما نصت عليه تعليماتي و لن أبد لطفا في التعامل مع المسؤول.

"أهو أمرء ذو رفعة ؟ "
قال و هو يصوب باب المخرج ، قطبت حاجبيّ جاهلة لمقصده ، أوشكت عن طلب الإستفسار إلا أنه قاطعني مسترسلا .
"أقصد خطيبك ، أهو حسن الخُلُق ؟ "
كل ما ينطق به يجعل فكري مشغولا بما ردده ، تارة يجذبني صوبه فيوقعني بحفر ما استساغه من حلو الكلام و تارة ينفّرني عنه فيسلّني أسواطا من وجع القلب كأنه يجهل ماهية نفسه .

"شين باي رجل موقر و قد شهدتُ على علو سماته و لن أ.."
لم يسعني إكمال كلامي لأنه قوطع على جهارة صوته بوجهي.
"من ؟ أقلتِ شين باي؟"

أَصْفَاد بكين حيث تعيش القصص. اكتشف الآن