الحمدلله
كأول أسبوعان منذ بداية الدراسة كان الأمر شبه طبيعي، فقط ذلك النسيم كان يرمي بنظرات مرعبة بين كل فترة تمضي.. كنت منزعجًا في البداية لكن مع الوقت أظن أنني أصبحت أعتاد شيئًا فشيئًا على هذا الأمر.
بعد ذلك هو قد قرر التحدث معي، لكن ليس كشخص طبيعي..
كأغلب الأوقات كنت متكئًا بخدي على راحة يدي شارد الذهن وبعيون شبه نائمة، جالسٌ في مكاني في هذا الصف الفوضوي، كانت فترة من الصمت الخارجي والازعاج الداخلي، وكما لم أتوقع أن يحدث، فقد انشطر شعاع الشمس الواقع على وجهي لنصفين لأصبح بين نورٍ وظلام، بسبب وقوف شخصٍ يقال عنه نسيم، ولم يبدو أنه قد اتنفع من معرفة اسمي شيئًا فقد ناداني بطريقة لم تعجبني البته:
"أنت!"
"بهاء."
قُلت بوجةٍ خالٍ من التعابير، ليقابلني هو بعدها بجملته التي قالها بطريقة أقرب للطبيعية كما ظهر لي:
"فلتنضم لنادي كرة السلة."
التزمت الصمت لوهلة لكنني قلت بوجهةٍ خالٍ من التعابير وبنبرتي الهادئة كما العادة:
"حقًا؟ حسنًا."
أوبس، لقد كان على وشك لكمي الان..
لكنه لم يكن سوى تهديدًا لكي لا أمازحه هكذا وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن.. هو بالطبع لم يظن أنني سآتي لذلك النادي مهرولًا وعلى وجهي ابتسامةٌ بلهاء مثلًا؟
حولت نظري للأمام وقلت باختصار:
"لا أهوى الرياضة."
تبع جملتي صوت المعلم العالي مفاجئًا البعض:
"إلى مقاعدكم!"
وقد اتضح لي سبب طلب نسيم ذاك بعدما سمعت همس أحدهم له:
"أما زلت تحاول؟ استسلم جميعهم بحثوا في أنحاء المدرسة ولم يقبل أحد."
في وقت الاستراحة كنت أجالس نفسي وأدور بعقلي حول الدروس بما أنني لا أجد شيئًا أخر أقضي به هذه الفترة، مر أكثر من نصف الوقت وانتهيت من تناول وجبتي وبت مكتفًا يداي متكئًا بظهري على الجدار، أقف صامتًا متجمدًا كجذع شجرةٍ وحيد، الحال التي ألفتها ولم أسأمها.
قطعت لحظة الهدوء بصوت العشب الذي يداس بواسطة أحذية شخصٍ ما، رفعت نظري لأرى الشعر الأشقر يتراقص في كل اتجاه بواسطة الرياح، الحاجبان المنعقدان وتلك العبوسة ترتسم على ذلك الوجه، يمشي تجاهي كأنما يرى عدوه أمامه.. لم أفعل شيئًا لك، لمَّ كل هذا؟
"نعم سيد نسيم؟ أتريد حقًا إقناعي مع علمك بأنك ستفشل؟"
لم أكن البادئ في الأحاديث عادةً، لكن يبدو أنني بدأت أمل من هذا المزعج.
"الزم حدودك!"
قال مهددًا وقابلته بتنهيدة، صمتٌ مر لأنطق:
"إذا لم ترد شيئًا سأغادر."
